أطلق ميثاق شرف للإعلاميين السوريين، نظام الشكاوى بهدف تمكين الجمهور من مساءلة وسائل الإعلام السورية المستقلة، عبر الاعتراض على الانتهاكات المهنية والأخلاقية التي قد تحدث أثناء التغطيات الإعلامية، أو الشكوى على محتوى إعلامي، ينتهك حقوق الجمهور المنصوص عليها في مدونة السلوك المهني الصادرة عن ميثاق شرف، بواسطة لجنة شكاوى مستقلة، مهامها دراسة الشكاوى والتحقيق فيها وفق معايير مهنية دقيقة، وإصدار القرارات والأحكام بما يضمن حق جميع الأطراف.
نظام الشكاوى والمساءلة
في شباط 2022، بدأت لجنة الشكاوى التي شكلها ميثاق شرف للإعلاميين السوريين، في استقبال شكاوى الجمهور المتعلقة بالمحتوى الإعلامي المنشور على وسائل الإعلام الأعضاء في الميثاق، بهدف رفع جودة المحتوى الصحفي المنشور في وسائل الإعلام السورية، وتوفير مرجعية ناظمة لشكاوى الجمهور المتضرر من أي انتهاك أخلاقي أو مهني أثناء التغطيات الإعلامية، أو من خلال المواد الصحفية المكتوبة أو المسموعة أو المرئية التي تقدمها وسائل الإعلام.
وتستمد لجنة الشكاوى سلطتها من المرجعيات الأخلاقية والأعراف المهنية لمهنة الصحافة، ويسعى نظام الشكاوى، إلى تنظيم العلاقة بين الجمهور ووسائل الإعلام السورية، وتوعية الجمهور بحقه في مساءلة وسائل الإعلام، ويحث العاملين في القطاع الإعلامي على الحذر من ارتكاب المخالفات والانتهاكات المهنية التي قد توقع ضررًا بالجمهور.
يعتبر الدكتور “بشار نرش“، عضو لجنة الشكاوى في ميثاق شرف للإعلاميين السوريين، أنه يجب الإقرار أن حق الجمهور في مساءلة وسائل الإعلام حاجةً وليس ترفاً، فمن خلال ممارسة الجمهور لحقه في مساءلة وسائل الإعلام يمكن تحقيق مجموعة من المقاصد المهمة أولها حماية استقلال وسائل الإعلام نفسها، وكذلك حماية الحرية الإعلامية ومنع الفساد من التسلل لوسائل الإعلام وللإعلاميين، وكذلك مراقبة أداء وسائل الإعلام ومحاسبتها لمنع التعدي على حقوق الأفراد والمجتمع، والمساهمة في تطوير الممارسات الإعلامية ورفع جودة المحتوى الإعلامي المقدم.
ويحق للجمهور مساءلة وسائل الإعلام، وفق “نرش” عندما ترتكب وسيلة إعلامية أو إعلامي، أي انتهاك مهني محتمل لأخلاقيات العمل الصحفي، أو مبادئ السلوك الأخلاقي ومواثيق الشرف الإعلامي، سواء من خلال تناول خطاب يحض على الكراهية أو يحرض على العنصرية أو فيه انتهاك للخصوصية، فبمجرد وقوع هذا الانتهاك يمكن للشخص الذي يرى هذا الانتهاك أو يتضرر منه تقديم شكوى على الإعلامي أو وسيلة الإعلام.
آلية تقديم الشكوى
تتلقى لجنة الشكاوى، شكاوى الجمهور المتعلقة بالمحتوى الإعلامي المنشور على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، الموقعة على ميثاق شرف، والتي انضمت لنظام الشكاوى من خارج الميثاق، والتي تنشر محتوى ذا صلة بالأخبار بأشكاله المختلفة، ويتضمن على سبيل المثال: الصور، النصوص، الفيديو، التسجيلات الصوتية، الرسوم الكاريكاتورية، الجداول البيانية والمخططات.
يستطيع تقديم شكوى، أي شخص من الجمهور تضرر بشكل مباشر بمحتوى مادة تم نشرها عبر وسائل الإعلام، أو وجد بها خلل بمعياري الدقة والصحة، شريطة وجود أدلة تثبت الخطأ وتصفه، والمؤسسات الإعلامية، الصحفيون والعاملون في حقل الإعلام.
حول آلية تقديم الشكوى يقول منسق لجنة الشكاوى الأستاذ “إبراهيم حسين“، يستطيع الجمهور تقديم الشكاوى بحق وسائل الإعلام، من خلال تعبئة نموذج خاص موجود على الموقع الرسمي للميثاق وعلى مواقع المؤسسات الإعلامية الأعضاء في ميثاق شرف للإعلاميين السوريين، والموقعة على نظام الشكاوى.
وبعد إتمام النموذج تصل الشكوى للجنة الشكاوى التي تبادر للتعامل معها وفق الآليات الموضحة في التعليمات التنفيذية لنظام الشكاوى.
ويوضح “حسين” أن اللجنة تتعامل بسرية تامة مع الشكاوى الواردة إليها، وتقيمها تقييماً أولياً، حيث من الممكن رد الشكوى لعدم الاختصاص، أو في حال كانت على مؤسسة غير عضو، وفي غير هذه الحالات تنظر اللجنة في الشكوى المقدمة، وتسعى بداية للحل التوافقي بين الشاكي والمؤسسة المشكو عليها، بعد تحفيزهما على التواصل المباشر.
وفي حال فشل المساعي وبقي الشاكي مصراً على شكواه، تدرس اللجنة الشكوى بكامل حيثياتها، وإن وجدتها محقة، يصدر قرار بحق المؤسسة المشتكى عليها، وتبلغ بضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة، وقرار اللجنة قابل للاستئناف أمام لجنة المراجعة التي تدرس الاستئناف ومن ثم تبت فيه بقرار مبرم.
تعتبر جميع قرارات لجنة الشكاوى ذات إلزام أخلاقي وأدبي، وهي غير ملزمة قانونيًا، ولا ينشأ عنها أي إجراءات قضائية أو عقوبات مالية.
وتصدر اللجنة تقارير دورية، توثق فيها القرارات والأحكام المتعلقة بالانتهاكات لنص “ميثاق شرف للإعلاميين السوريين” ولمدونات السلوك المهني المنبثقة عنه، تنشرها في الموقع الرسمي للهيئة وفي مواقع ومعرفات كل المؤسسات الأعضاء في الميثاق.
أهمية نظام الشكاوى
تنطلق أهمية نظام الشكاوى في ميثاق شرف للإعلاميين السوريين، كونه نظام متفرد ونوعي، ينظم ذاتياً قطاع الإعلام السوري في داخل سوريا وخارجها، ويهدف إلى تطوير الممارسة الإعلامية ورفع الجودة المهنية، ويسعى لتحقيق التوازن بين حقوق الفرد والمجتمع، وحقوق وسائل الإعلام في الحرية والتعبير.
إلى ذلك، تقول الدكتورة “هلا الملاح”، عضو لجنة الشكاوى في ميثاق شرف للإعلاميين السوريين، أن عمل لجنه الشكاوى سيكون له تأثير ملموس في المستقبل، من خلال التعليمات التنفيذية لنظام الشكوى، الذي تنظم آلية تلقي الشكاوى المقدمة من الجمهور (الأفراد أو الوسائل الإعلامية)، والتحقيق في الانتهاكات الواردة بمدونة السلوك، وصولاً للقرارات والرد عليها ومخاطبة الوسيلة لتصويب خطأها، عبر هذه السلسلة من الخطوات، يمكن القول إننا نعكس ونعزز المبادئ المهنية والأخلاقية بشكل موضوعي. واللجنة بمثابة منبر إعلامي يتعامل مع الشكاوى التي تشير للأخطاء الواردة في أي محتوى إعلامي، وتظهر انتهاكات ارتكبت بحق الجمهور أو بحق أي جهة أخرى.
وبمجرد تفعيل هذه الآلية ووضعها تحت المجهر وحيز التنفيذ وجعلها متاحة لكل الناس، وتعميم هذه الثقافة لدى كل متصفح ومتابع لأي وسيله إعلامية، يمكن ضبط عمل المؤسسة الإعلامية التي تنشر بقصد أو بدون قصد، أي محتوى غير دقيق ولايتسم بالمهنية، وفيه انتهاك واضح وصريح بحق الجمهور، وخرق للأخلاقيات التي يجب اعتمادها عند التعامل مع أي مادة إعلامية.
وبحسب “الملاح”، من خلال هذه الآلية يتم توضيح معنى المهنية في الوسائل الإعلامية، والتي يجب أن تتجلى بشكل حقيقي، والموضوعية التي يجب أن تمارسها وتتبناها الوسائل الإعلامية عند صياغتها لأي محتوى إعلامي، وعلى المدى المنظور ستعزز لجنه الشكاوى الأسس المهنية والأخلاقية، وستساهم في الحد من الانتهاكات بحق الجمهور، ونشر وتفعيل ثقافة الشكوى هو حقيقة نقلة نوعية حقيقة لتعميم الإعلام المهني والموضوعي، وحق الجمهور في تصويب وانتقاد الأخطاء والانتهاكات.
تفعيل دور الجمهور في المُساءَلة
تتيح المساءلة الإعلامية للجمهور، ممارسة حقه في الشكوى على وسائل الإعلام، ومراقبة أداءها، ويساعد ذلك على تنقية المحتوى الإعلامي من الأخبار الكاذبة، وخطاب الكراهية، والإشاعاتـ، وغيرها من الانتهاكات والتعديات على حقوق المجتمع والأفراد. ويعد نظام الشكاوى أحد أدوات المحاسبة، التي تعزز حق الجمهور في المساءلة، وبذات الوقت يضمن حق وسائل الإعلام في التعبير والحصول على المعلومات.
وفي هذا الإطار، يرى عضو لجنة الشكاوى الدكتور “نرش“، أنه لا بد من تعزيز ثقافة الشكوى لدى المجتمع السوري، وإبراز أهمية الأخذ بنظام الشكاوى كآلية فعالة للمساءلة وتخفيف الانتهاكات في وسائل الإعلام، وهذا الأمر يحتاج إلى جهد مضاعف سواء من قبل إدارة ميثاق شرف للإعلاميين السوريين باعتبارها المظلة الإدارية والتنظيمية للجنة الشكاوى، وكذلك من قبل المؤسسات المنضوية تحت سقف الميثاق، أو من خلال العمل الجدي على إشراك المؤسسات السورية بما فيها منظمات المجتمع المدني باعتبارها شريك مهم لوسائل الإعلام لتعزيز ثقافة الشكوى لدى جمهورها وإبراز أهمية دور الجمهور في تحقيق المساءلة بعيداً عن أي حسابات أو مخاوف.
وأضاف “نرش”، لا بد من انجاز حملات إعلامية وتسويقية للجنة الشكاوى تركز على توضيح دورها وآلية عملها وفوائدها وانعكاس ذلك على العمل الإعلامي وعلى دور المؤسسات الإعلامية في المجتمع وصولاً لأفضل الممارسات.
غصون أبو الذهب _ أنباء سوريا