الخيارات الأخلاقية عندما يذهب الصحفيون إلى الحرب

الخيارات الأخلاقية عندما يذهب الصحفيون إلى الحرب[1]

آيدان وايت

ترجمة منظمة ميثاق شرف للإعلاميين السوريين

مقدمة

العالم اليوم هو حقاً أكثر أمناً مما كان عليه في أيّ وقتٍ مضى. صحيحٌ أن إحصائيات الحروب في سوريا والعراق مهولةٌ من حيث عدد الضحايا, لكن أعداد قتلى الصراعات المسلحة على مستوى العالم تبقى دون مستوى العقود السابقة. فحرب فيتنام لوحدها, على سبيل المثال, أدت لمقتل مليوني شخص. وفي ثمانينيات القرن الماضي أدت ثمان سنين من النزاع بين إيران والعراق لسقوط نصف مليون قتيل. وقد فاقت أعداد القتلى جراء عمليات التطهير العرقي والحروب الأهلية في إفريقيا, والبلقان, وسريلانكا في تسعينيات القرن الماضي المليون إنسان.

ولكن رغم ما قيل أعلاه, ما زالت أنباء الحروب والإرهاب تتصدر عناوين الأخبار. فنشرات الأخبار ما برحت وبشكلٍ روتيني تبثّ أخبار العنف والنزاعات في سوريا, والعراق, ومناطق أخرى. وقد تخطو خطوةً أبعد فتعرّج على الاضطرابات في أوكرانيا, وميانمار, والمناطق الحدودية المتوترة في كل من الهند, وباكستان, وأفغانستان.

وبفضل ثورة الاتصالات أصبح العالم أفضل تواصلاً وصار الناس أكثر اطلاعاً على مجريات الأمور على خطوط القتال في الحروب, ولكنهم إلى ذلك ما يزالون يعانون من أجل الوصول إلى معلوماتٍ محايدة وموثوقة في وقتٍ تمتلئ فيه أجندات الأخبار بالتعصب وكل ما من شأنه أن يسعّر الحرب أكثر.

تُخاض حروب الإعلام في كل مكان على امتداد ساحة المعلومات الكونية وينتج عن ذلك ضغوطاتٍ شديدة على المراسلين والمحررين لكي يأخذوا هذا الموقف أو ذاك.

الإرهابيون المحترفون للإعلام يتسللون خلسةً في الشبكات الاجتماعية, كما أن الحكومات توظف جيوشاً من أبواق الدعاية المنتشرين عبر الانترنت.

لا غرو إذاً أن نقل أخبار الصراعات يشكّل التحدي الأخلاقي الأكبر للصحفيين. إذ ليس من السهل مجاراة المعايير الاحترافية العليا في ظلّ وجود العديد من النماذج الصادمة للإخفاق الإعلامي, بل والتواطؤ في أعمال العنف والهمجية كما ظهر من خلال الإبادة العرقية في رواندا, وفي حرب البلقان, أو كما تجلى من خلال الدعاية الفجة التي أحاطت بالصراع الأوكراني.

رغم كل ما قيل, ينبغي على الصحفيين أن يفعلوا ما بوسعهم لتجنب خطاب الكراهية والنأي بأنفسهم عن تغطية الحروب بطريقةٍ تذكي نارها. لكن كيف ينجزون ذلك عندما يكونون هم أنفسهم عرضةً للفح لهيب الحرب؟

تؤكّد “شبكة الصحافة الأخلاقية” – التي تهدف إلى تعزيز مقدرة الإعلاميين على العمل بأسلوبٍ إنسانيّ منصف ودقيق – أن الناس في أوقات الحروب تكون حاجتهم أكبر للمعلومات الموثوقة. فالصحافة المتسمة بالجودة تعتبر أمراً حيوياً للناس من أجل:

– فهم أفضل لجذور وواقع النزاع,

– خلق فضاء معلوماتي يساعد على الحوار,

– توفير السياقات والتحليلات التي من شأنها أن تفتح الباب من أجل المصالحة والسلام.

لن يكون بمقدور الناس إطلاق الأحكام والتأثير ربما في سياق الأحداث عن طريق دعم النزاع أو التوقف عن دعمه من دون وجود جهد صحفي دقيق وحساس يلقي بالضوء على طريقة تفكير كل طرف من أطراف النزاع.

ولكن في أوقات الحرب تنخرط كل الأطراف في النزاع من دون أي إحساس بالتوازن, إذ لن يجد أياً منهم من التجرد ما يدفعه لتفهّم أن الطرف الآخر مثلاً يؤمن بأن قضيته عادلة, أو أن يقرّ بشجاعة جنود العدو. وهكذا يتجرد الكل من الإنصاف والحياد ويلجؤون للدعاية والأكاذيب للنيل من سمعة العدو قيادةً وشعباً. الصحفيون معنيّون بمواجهة هذا التهديد.

الاحترافية والوطنية

يكون الصحفيون الذين يعملون في مناطق النزاع أو قربها شهود عيانٍ على العواقب الكارثية والمتوحشة للحرب, ولذلك فهم نادراً ما يروجون طويلاً للدعايات المبنية على المفاهيم الملفقة من وطنيةٍ رومنسية أو أحلافٍ قبلية.

الإعلاميون الذين يمعنون في الصراخ عالياً ومن دون خوف هم في الغالب أولئك الذين يقدمون البرامج ويكتبون المقالات من دون أن يبرحوا مكاتبهم الآمنة الوثيرة.

إبان الحروب العرقية والنزاعات الإقليمية التي نشبت في يوغسلافيا السابقة حيث ناصرت القنوات التابعة للحكومة – كمحطة تلفزيون وراديو صربيا – الحرب, أو كما هو حاصل الآن في النزاع الروسي الأوكراني (حيث تحضر في الذهن قناة روسيا اليوم) فإن بعض وسائل الإعلام تخلّت عن مجرد ادّعاء الحيادية وأصبحت تهلّل للمواجهة المسلحة.

في جوٍّ مشحونٍ كهذا تجهد الحكومات لتجنيد الكلّ – بمن فيهم الصحفيين – لأجل قضيةٍ وطنية مشحونة بالمشاعر الجياشة. إنه لمناخٌ مملوءٌ في الغالب بالكره والمشاعر الهائجة.

لكن لا يصحّ أن تُختَطَف الصحافة لصالح الصور النمطية والدعاية. العمل الصحفي الأخلاقي يجب أن يصور الأحداث والناس في سياق شامل, فيتجنب التقابلات الحدّية التي تفضّلها الحكومات من خلال رؤيتها للنزاع في صورة الأبيض والأسود.

من جهةٍ ثانية, فالمراسلة الصحفية من الميدان من الممكن أن تفرض على الصحفيين صراع مصلحيّ شخصي. فقد يرتبك الصحفيون عندما يواجهون استحقاق الدافع المشروع في داخلهم لكي يذودوا عن مجتمعهم وثقافتهم.

لكن دور الصحفيين أساساً هو أن يزودوا الجمهور بمعلوماتٍ قائمة على الحقائق, وأن يظهروا الجانب الإنساني من عملهم, وأن يجهدوا لإيصال الحقائق التي يجب أن تصل, حتى وإن أزعجوا قادتهم السياسيين في الأثناء.

إن الصحفيين بعيدي النظر والأخلاقيين لهم مواطنون صالحون. إنهم يُظهرون وطنيتهم بالقيام بعملهم باحترافية, ويدركون أن نضالهم من أجل الحقيقة يصبّ في مصلحة بلدهم ومجتمعهم.

هذا هو واقع الحال منذ أن لبس أوائل المراسلون الحربيون المعروفون في التاريخ بزاتهم لكي ينقلوا أخبار حربٍ قديمة دارت حول شبه جزيرة القرم في أواسط القرن التاسع عشر. لكن نقل أخبار الحروب لم يكن يوماً سهلاً. فالحقيقة كما أشار المحرر السابق لصحيفة صندي تايمز هارولد إيفانز تُدفن تحت الأنقاض التي تتركها الحرب وفي معمعة الدعاية التي تهدف لتجييش مشاعر الحشود. ولن يكون هناك وقت لغربلة الرماد بحثاً عن الحقيقة إلا بعد نهاية النزاع, كما يقول إيفانز.

ولكن فيليب نايتلي, صاحب كتاب “الإصابة الأولى” الذي حصد العديد من الجوائز, يحذّر في طبعةٍ محدّثة من كتابه الذي يدرس تاريخ التغطية الإعلامية للحروب والنزاعات, من أن الأمر قد يصبح أسوأ من ذلك. يقول نايتلي:

“الحقيقة المرة هي أن الدعاية الحكومية في الألفية الجديدة تجهّز المواطنين للحرب بمهارةٍ فائقة بحيث يغدو المواطنون أنفسهم غير راغبين بالحصول على التغطية الصادقة والمحايدة والمتّزنة التي يكدّ مراسلو الحروب الصالحين لكي يقدّموها.”

وبعد وقتٍ قصير من كتابته لهذه الكلمات, أتت حرب العراق عام 2003 لتثبت صحة ما قال. فنظام التحكم الأمريكي البريطاني الذي تم وضعه لضبط الاتصالات نجح في تصميم آلية لمرافقة الصحفيين للجيش بحيث تتمكن وسائل الإعلام من الوصول للحدث بشكل مباشر ولكن بطريقة تضمن بقاءها تحت المراقبة الحثيثة من قبل الجيش.

وهكذا ساعد حضور 600 صحفي رافقوا القوات المهاجمة الجيش الأمريكي كي يوسّع منظور الصورة والرؤية الدرامية لمسرح المعركة, لكن الجيش لم يقدم سوى القليل من الشرح الذي يساعد في فهم حقيقة الأمور. فقد تعرضت المعلومات لعملية فلترة دقيقة ومعالجة قبل أن تصل بالقطّارة للصحفيين. كانت هناك حدود للحقائق والسياقات التي تتم مشاركتها, وكانت الأكاذيب جزءاً لا يتجزأ من الحزمة التي قُدّمت للصحفيين. وعندما كانت القوات تتراجع كان الجيش يغطّي على الموضوع. لقد خطط الجيش بحذر للمواضيع التي يمكن مناقشتها مع المراسلين, ولوى عنق المعلومات بطريقة كي تبدو كما لو أنها تعكس الواقع الذي يرويه الجنود في أرض المعركة.

لقد كان البديل الوحيد لهذه الرؤية المعلّبة للنزاع التي قدمها خبراء الاتصالات الحكوميون هو ما قام به حوالي ألفي صحفي مستقلون أو “فرادى” كانوا موزعين على امتداد الأراضي العراقية باحثين عن قصص من شأنها أن تساعد في فهم حقيقة الحرب. لكن البعض منهم دفع ثمناً غالياً.

الأخلاق, الأمان والتضامن في الصحافة

يتطلب الذهاب إلى الحرب من الصحفي أن يتخذ منذ البداية خياراً أخلاقياً واضحاً حول كيف ينوي أن يقوم بعمله.

هناك مخاطر مترتبة على كل خيار, لكن عندما يرتأي الصحفي أن يحافظ على استقلاليته ويعمل خارج حماية الجيش فإن ذلك ينطلي على مخاطر أكبر. لهذا السبب يجب على الصحفيين وعلى وسائل الإعلام التي تبتعثهم أن يجهزوا أنفسهم بحزم للمهمة.

مع الأسف يذهب الكثير من الصحفيين للحرب غير مجهزين للتعامل مع التحديات. فالعديد لديهم تدريب غير كافٍ – أو ليس لديهم تدريب بالمرة – على العمل في البيئات الخطرة وفي الغالب لا يكونون على دراية بالظروف التي يمكن أن يواجهونها. العديد يجهلون حقوقهم القانونية ومسؤولياتهم.

فالقليل من الصحفيين يعرفون أن مجلس الأمن الدولي أقر قانوناً تاريخياً في عام 2006 يرفع الحصانة عن قتل الصحفيين. والقليل أيضاً سمعوا أنه في عام 2012 اتفقت وكالات الأمم المتحدة على “خطة عمل (شاملة) بخصوص حماية الصحفيين.” يعتبر الاطلاع على هذه الوثائق ضرورةً لازمة للصحفيين الذين يغطون النزاعات, فهي تحدد بدقة حقوق الصحفيين والتزامات الدول بتأمين الحماية لوسائل الإعلام عندما يكون ذلك ممكناً.

وقلةٌ من الصحفيين يدركون أن القانون الدولي الخاص بالنزاعات المسلحة يقرّ بأن المراسلين يلعبون دوراً خاصاً في أوقات الحرب. فمواثيق جنيف, على سبيل المثال, تقدم حماية خاصة للصحفيين والكوادر الإعلامية. يجب تذكير كل أطراف النزاع بهذه المواثيق, سواء كان النزاع التحاماً عسكرياً مباشراً, أو اضطرابات أهلية أو صراع محلي محدود.

قد لا تكون الصلة بين الأمان وأخلاقيات العمل الصحفي واضحة لأول وهلة, غير أن الطموحات والعوامل الاقتصادية التي تحفّز بعض الصحفيين المستقلين غير المجرّبين وغير المجهّزين لدخول أرض المعركة هي نفسها تلك التي تجعل البعض الآخر من الصحفيين يقدمون تقاريرهم بالصيغة التي يرتأون أنها ستطرب مسامع من سيدفع لهم.

وهكذا تشقّ الأخبار التي تباع بشكلٍ أفضل طريقها على حساب الأخبار الأخرى. ومن المؤكد أن التقارير التي تنقل أهوال الحرب وصور الجنود القتلى (وإن على الأقل من “طرفنا”) لن تفوز بفرصة العرض لدى المحطات التلفزيونية الكبرى.

هذا الجهل من طرف الجمهور هو موضوع الكتاب الذي حرره روي غتمان وديفيد ريف بعنوان, “جرائم الحرب: ما الذي يجب أن يعرفه الجمهور.” تطور هذا الكتاب من تعاون صحفيين, ومحامين وخبراء متخصصين في نشر الوعي بخصوص قوانين الحرب وتطبيقاتها على مواقف النزاع, وفي تعزيز فهم القانون الدولي الإنساني بين الصحفيين, وصناع القرار, والجمهور.

يحوي الكتاب على معلوماتٍ مفيدة لأي مراسل يتوجه للجبهات, بما في ذلك النصيحة التي تقول بأنه لا يجوز للصحفي التوجه إلى منطقة نزاع ومعه سلاح. فقد أثار مراسل قناة فوكس نيوز غيرالدو ريفيرا الجدل وقت راح يحمل سلاحاً مع كاميرته عندما كان يرسل تقاريره من أفغانستان, ما أثار موجةً من الغضب بين الصحفيين الآخرين والمؤسسات الإخبارية, بما في ذلك نيويورك تايمز, التي حظرت على مراسليها منذ عام 2007 حمل السلاح لأنه يطعن في حياديتهم.

ينبغي على الصحفيين أيضاً أن يعرفوا بأنه عل الرغم من أنهم دائماً ما يخوضون مخاطر الخطف أو القتل بتهمة الجوسسة, إلا أن القانون الدولي الإنساني ينص على أن الصحفيين المعتمدين الذين يسافرون تحت حماية جيشٍ ما يجب اعتبارهم كجزءٍ من المدنيين المرافقين للجيش.

وإذا ما أُسر الصحفيون من قبل القوات على الطرف الآخر للنزاع, يجب معاملتهم بصفتهم أسرى حرب. ويتحتم جلب أولئك الذين يهددون بإعدام الصحفيين في ساحة المعركة إلى المحاكمة ليواجهوا عقوبة فعلتهم بالشكل الذي يقرّه القانون الدولي.

تلك هي النظرية على الأقل. لكن المشكلة أن صورة المراسل الحربي بلباسه الكامل غدت – مثل أساليب الحرب التقليدية نفسها – جزءاً من الماضي البعيد في الذاكرة. فالصحفيون صار عليهم القيام بعملهم بطريقةٍ تشبه سلوك الجنود عندما يقومون بحرب العصابات, وهنا تحضرنا أساليب النزاعات التي تشهدها كل من أوكرانيا, وسوريا والعراق, وأفغانستان.

ولكن بعض مبادئ السلوك الأخلاقي لا غنى عنها بغض النظر عن طبيعة النزاع وكيفيته. على سبيل المثال, يعتمد الصحفيون الذين يغطون نزاعاً ما على دعم السكّان المحليين – مترجمين, سائقين, معاونين – وينبغي على كل الصحفيين أن يتأكدوا أنهم يلقون معاملة محترمة ومزودون بمعدّات حماية, وعقود عمل لائقة, وتأمين في حالة وقوع حادثٍ أو إصابة.

أما مبدأ حماية المصادر, وهو من المبادئ الأساسية بالنسبة للصحفيين, فإنه يغدو أكثر أهمية من أي وقتٍ مضى عندما تكون حياة الناس على المحكّ. فالصحفيون لديهم التزام أخلاقي تجاه الناس الذين يكتبون عنهم. إذا لا يجب عليهم أن يكشفوا هوية مصادرهم إذا كان ذلك يعرّض الأشخاص المعنيين للخطر. فالناس سيحجمون عن إخبار الصحفيين بالأخبار المهمة إذا داخلتهم الخشية أن الصحفيين سيكشفون هويتهم.

عندما تطلب المحاكم والسلطات العامة من الصحفيين أن يسلّموها موادّ من شأنها أن تكشف مصدر المعلومات, فإن المراسل الأخلاقي سوف يعترض غريزياً على ذلك. وإن كان لا بد من كشف المصدر, يتحتّم على الصحفيين أن يناقشوا الموضوع مع المصدر أولاً, بل وأن يحموا المصدر حتى وإن كان ذلك على حسابهم.

ولكن في أوقات الحروب, عندما يكون الصحفيون أنفسهم شهوداً على أعمالٍ وحشية تفوق الوصف, يصبح هذا المبدأ تحت ضغطٍ شديد. فمعظم الصحفيين يجدون من المستحيل أن يغضوا النظر على أهوال الحرب, وهناك مناسباتٌ عندما يجد الصحفيون ضمائرهم تجبرهم على التعاون مع السلطات.

على سبيل المثال, بضع الصحفيين ممن شهدوا حرب البوسنة في التسعينيات, مثل إد فوليامي من الغارديان, أدلوا بشهادتهم في محكمة الجنايات الدولية التي نظرت في جرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة, وساعدوا في إدانة بعض القادة الذين ارتكبوا أعمالاً وحشية وجرائم حرب خلال النزاع.

على الرغم من أن بعض الصحفيين حذروا فوليامي والآخرين ممن شهدوا معه أنهم يأتون ببدعةٍ خطيرة, إلا أن فوليامي ومن معه لم يكترثوا لذلك, بل دافعوا عن موقفهم بالقول أنَّ جلب مجرمي الحرب إلى العدالة هي قضية يلزم على الصحفيين – مثل كل المواطنين الآخرين – واجب المساعدة فيها من أجل الدفاع عن القيم المدنية التي لولاها لن يكون بالإمكان قيام ديمقراطية وصحافة حرة في المقام الأول.

لكن هناك صحفيون آخرون يعارضون هذا الرأي. من الأمثلة الجيدة التي تحضر هنا الصحفي جوناثان راندال من الواشنطن بوست الذي رفض علناً المثول أمام محكمة الجنايات الدولية للإدلاء بشهادته عام 2002. وقد قاوم راندال أمر المحكمة بالحضور بمساعدة جريدته وكسب القضية. وقد ساعدت قضية راندال, التي دعمتها مجموعات الصحافة الحرة حول العالم, على تخليق حماية قانونية محدودة للمراسلين الحربيين في وجه احتمال إجبارهم على الإدلاء بشهادتهم.

إن حالاتٍ كهذه لابد من أن تسهم في وضع خطوط عريضة وقواعد داخلية من شأنها أن تساعد الصحفيين في حماية مصادرهم. وقد يستفيد الصحفيون من أحد البنود في عقودهم مع مشغليهم والتي تنصّ صراحةً على واجباتهم والتزاماتهم في هذه النقطة.

لكن الضمانات المكتوبة في العقود لن تحلّ المعضلات الأخلاقية التي تلقي بظلالها في عمل الصحفي. فأحياناً وفي خضمّ القسوة والظلم يُجبَر الصحفيون على الاختيار فيما إذا كانوا يريدون أن يتدخلوا أم لا لمساعدة ضحايا العنف. وعليهم إذا ذاك الاختيار بحذر, لأنه حتى لو كانت لديهم النوايا الحسنة, فإن دور الصحفيين قد لا يكون مفيداً للدرجة التي يظنوها.

هناك واقعة معبّرة وردت في كتاب “التنافس على السبق الصحفي”, وهو كتابٌ ممتاز يحكي عن التغطية الإخبارية لوقائع حركة النضال من أجل الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية. تخص تلك الواقعة الصحفي فيليب سكولك, وهو مصوّر مستقل متميز كان قد وضع كميرته جانباً في إحدى المناسبات واندفع لمساعدة متظاهرة شابة كانت تتعرض للضرب من قبل الشرطة. بعد تلك الحادثة قام د. مارتن لوثر كينغ بتوجيه الملامة له موضحاً أن دوره كمصوّر أثمن بكثير من دوره كمشارك.

إن التأنيب الذي تعرض له سكولك لهو عبرة للصحفيين كي يتذكروا دورهم الأساسي في تسجيل الأحداث, وفضح الممارسات الخاطئة, ونشر الحقائق والمعلومات. إنهم ليسوا طرفاً في النزاع وعليهم التفكر ملياً قبل أن يجدوا أنفسهم يبتعدون عن القيام بعملهم بمهنية بدافع التعاطف مع معاناة الآخرين أو نداء الواجب الوطني.

أحياناً تكون أيسر السبل في إبقاء الصحفيين في مأمن هي أن ينضمّ أفراد الطواقم الإعلامية في كل أطراف النزاع إلى بعضهم البعض. الصحفيون مشهورون بفردانيتهم في مقارباتهم, لكن التكافل على المستوى المهني من شأنه أن يقلل من مخاطر العمل الصحفي في الحرب.

هناك نزاع واحد فقط يحضرنا في العصور الحديثة حيث تمت حماية الصحفيين من القتل على نحوٍ جيد, على الرغم من أنهم كانوا غالباً عرضةً للخطر. فقد استمرت مشكلة شمال إيرلندا لأكثر من ثلاثين سنة وتجلّت على شكل ما اصطلح على تسميته “اضطرابات” شاركت فيها جماعات إرهابية في صراع سياسي وديني حصد أرواح أكثر من ثلاثة آلاف شخص. لم يُقتل في النزاع سوى صحفي واحد, وهو مارتن أوهاغان, مراسل صندي وورلد, الذي سقط بنيران جماعات مسلحة موالية في أيلول (سبتمبر) عام 2011. أحد أسباب النجاح في حماية الصحفيين أثناء ذلك النزاع هو الدور الذي لعبه اتحاد الصحفيين الوطني, وهو اتحاد يمثل الصحفيين في بريطانيا وإيرلندا سواءً بسواء.

“لأكثر من ثلاثين سنة كانت هناك قاعدة غير مكتوبة في شمال إيرلندا تحظر إطلاق النار على الصحفيين,” يقول مايكل فولي, وهو مراسل صحفي سابق في صحيفة آيريش تايمز يعمل الآن محاضراً في الصحافة.

“الصحفيون في شمال إيرلندا كانوا دائماً أعضاء في اتحاد ساعد على تضامنهم ووفّر جدار حماية ضد الانقسام الطائفي بين الصحفيين بغض النظر عن الموقف التحريري لجرائدهم,” أفاد فولي, مضيفاً, “وقفوا سويةً, مؤيدين وقوميين, ضد الرقابة. حملوا نفس البطاقات الصحفية (…) وحتى عندما عملوا لصالح جرائد طائفية جداً, فقد نجح الصحفيون في النأي بأنفسهم بصفتهم المهنية مما سمح للصحافة حينها أن تظهر بمظهر الشر الذي لابد منه, أو الوصلة التي لابد من الثقة بها.

لقد أكد الصحفيون في إيرلندا والمملكة المتحدة استقلالهم عن الحكومات التي تنتظر أحياناً من وسائل الإعلام أن تعمل كأبواق دعائية للدولة. وعندما منعت حكومة المملكة المتحدة صحفيي الراديو والتلفزيون من بث أصوات قادة حزب “شين فين” وبعض النشطاء السياسيين بين عامي 1988 و 1994, كانت هناك احتجاجات عديدة نظمها اتحاد الصحفيين للاعتراض على قرار المنع. وهكذا رُفع الحظر تدريجياً بعد أن أعلنت المجموعة البرلمانية القومية ” آي آر آي ” وقف إطلاق النار.

البروبوغاندا وتأطرها

عندما يتعلق الأمر بحرب المعلومات فإن بلدان مثل الولايات المتحدة, والصين, وروسيا تعتبر رائدةً على مستوى العالم في هذا المجال. في عام 2008 أطلقت حكومة الولايات المتحدة برنامج بروبوغاندا سرّي بتكلفة 300 مليون دولار أمريكي لإنتاج تقارير إخبارية وبرامج تسلية وإعلانات خدمات عامة لوسائل الإعلام العراقية في مسعى “لإشراك وإلهام” السكان المحليين لكي يؤيدوا سياسة الولايات المتحدة.

في حرب الأفكار, استأجرت الولايات المتحدة على مرّ السنين أفواجاً من اختصاصيي الاتصالات ومتعاقدي علاقات عامة من القطاع الخاص لكي يدعموا أجنداتها حول العالم. ففي العراق أُنفقت مئات ملايين الدولارات في سوق البروبوغاندا لتحدي جماعاتٍ كالقاعدة, التي تتضمن عملياتها الإعلامية مواقع إلكترونية متطورة وفيديوهات عالية الاحترافية.

تضمنت حملة المعلومات التي أطلقتها الولايات المتحدة في العراق ساعات بث تلفزيونية وإعلانات تمتدح التحسّن في الخدمات التي تقدمها الحكومة, وتدعم الجيش العراقي, وتشجع العراقيين للإبلاغ عن الحوادث الأمنية.

بعد الغزو الأمريكي للعراق, قامت شركات اتصالات أمريكية خاصة بإنتاج مقاطع فيديو ودفعتها للقنوات العراقية المحلّية كمنتجات عراقية. “لا يعرفون أن منتِج المحتوى هو حكومة الولايات المتحدة. لو عرفوا, لما بثّوا أي من تلك المقاطع,” قال أحد المتحدثين بصراحة للواشنطن بوست. “في الشرق الأوسط, يخشى الناس كثيراً من أن يتعرضوا للتغريب (…) ولذلك يجب أن تكون حذراً عندما تقدم المعلومات للشعب.”

بنفس الطريقة, تتلقى قناة روسيا اليوم حوالي 300 مليون دولار أمريكي من حكومة فلاديمير بوتين لكي تعزّز الرواية الحكومية حول شبه جزيرة القرم, وأكرانيا والتدخلات الخارجية لروسيا في سوريا, وكذلك لكي تتحدى القناة ما تسميه تحيّز الإعلام الغربي.

وقد جعل تغوّل بروبوغاندا ونفوذ قناة روسيا اليوم بلداناً أخرى تقع على تخوم الاتحاد السوفياتي السابق, مثل دول البلطيق كلاتفيا, وإستونيا وليتوانيا أكثر خشيةً من السياسية الروسية من ذي قبل, وشجع ذلك الولايات المتحدة لكي تزيد الميزانيات المخصصة لدعم خدمات الدعاية الخاصة بهذه البلدان. لكن الانحياز الصريح لقناة روسيا اليوم دفع البعض من الصحفيين العاملين فيها إلى التمرّد العلني.

وفي الصين, حيث يشكل قسم البروبوغاندا مكوناً أساسياً من جهاز الحزب الشيوعي, استثمرت الحكومة الملايين في تطوير الواجهة الدولية لإعلامها كجريدة الصين اليوم بالإنكليزية, وتلفزيون الصين المركزي الذي يبث بعدة لغات أجنبية لكي ينقل من منظور بكين قصة الصراعات حول الأقاليم المتنازع عليها في شرق آسيا.

وفي عصر الإنترنت, تم استغلال قوة الشبكة العنكبوتية العالمية لتعزيز مقدرات الدول على بث البروبوغاندا. فقد جندت الصين آلاف المدوّنين ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي الماهرين في استخدام ثقافة التواصل الحديثة لكي يغمروا الأصوات المخالفة, ويعززوا الدعاية الحكومية.

لكن كل الأطراف المتصارعة, سواء كانت دولاً أم فاعلين دون مستوى الدولة, وخصوصاً منهم الجماعات الإرهابية كتنظيم داعش, قد أصبحوا ماهرين في الفن الأسود المتمثل باستخدام تكنلوجيات التواصل المتقدمة لإلهام الموالين وإخافة الأعداء.

في هذا السياق الجديد, يواجه الصحفيون الذين يغطون النزاعات مهمةً أكثر مشقة تتمثل في العمل على تجنب الإشاعات, والتضليل الإعلامي والكلام الذي يُلقى جزافاً, وذلك على خلاف ما كان عليه الحال قبل بضع سنين حيث اقتصرت مشقة تكوين صورة واضحة على العمل على تجنب التحيز والتضليل المتعمد في بيانات الجيوش أو الأبواق السياسيين.

في العصر الرقمي حيث تغيب مصادر معتمدة للمعلومات, مع ارتفاع الطلب الشعبي عليها, تبقى مساحات زمنية لا محدودة تحتاج للملء في وسائل الإعلام وهو ما يشكل إغراءً للاستعجال بالنشر والضغط الفوري على أزرار المشاركة التي تتيح تدوير المعلومات.

لكن الحقائق تحتاج لفحصها, والصور تحتاج لتدقيقها. وكل ذلك يأخذ وقتاً. لا ينبغي على الصحفي أن يقتفي أثر العوام على الانترنت, وأن يكتفي فقط بنشر ما يثق بأنه حقيقي. في البيئة الرقمية لعالم اليوم, يتم تدوير الإشاعات والتوقعات من دون ضوابط, ولذلك فمعرفة ما هو حقيقي مما هو مزيف وتدقيق المعلومات يعتبر ضرورةً أساسية. ويعلو شأن هذا المبدأ في أوقات التغطية للأخبار العاجلة حيث من الممكن للإشاعة والتزوير أن يضيفا إلى حالات التوتر والالتباس التي تشيع في هكذا ظروف.

لكن هناك من أتى لتقديم المساعدة. وذاك هو كريغ سيلفمان, محرر مدونة “تأسّف للخطأ” في معهد بوينتر الذي تعاون مع مركز الصحافة الأوربي وأنتجوا كتيباً مفيداً بعنوان “دليل التثبت.”

وهكذا فمن كل الجوانب فإن التغطية الصحفية للنزاعات محتومٌ عليها أن تتم في ظل المصالح المبطّنة, والنعرات والتحيز. تترك هذه الأمور أثرها على طريقة نقل الصحفيين للأخبار وأسلوب وسائل الإعلام في تقديم الرسائل.

يجب على الصحفيين أن يتحلّوا بالثقة والمصداقية وهذا يعني أن عليهم أن يتأكدوا أن عملهم لن يتلوث بالميل المفرط للتغطية من جانبٍ واحد فقط في أوقات النزاع.

وهم بحاجة لأن يفهوا أن الإطار الذي تقدّم فيه وسائل الإعلام تغطياتها – وهو إطار “هم ونحن” – يُبنى في الغالب على تحيز ثقافي من طرف مجموعة معينة ضد أخرى استغرق عقوداً طويلة من النمو.

غالباً ما يتعزز هذا التحيز بعملية أسطرة يتخللها صور ومعتقدات تمجّد العنف المادي كجزء من تراث وطني سامي.

تقلّل عملية التأطير هذه, بل وتدمر, المقدرة على إنتاج صحافة الجودة. وفوق ذلك فهي تقود إلى:

– خطاب الكراهية وفوبيا الأجانب الذي تتورط فيه جماعات من خلفيات قومية أو عرقية أو لغوية أو دينية أو ثقافية مختلفة بالتشجيع علناً على الكراهية الشديدة تجاه الطرف الآخر. ويقود ذلك بدوره إلى عقلية كبش الفداء – التي يقصد بها البحث عن آخرين تلقي عليهم اللوم في مشاكلك وأزماتك – والتي قد تنحدر بدورها إلى تحريض على العنف من أجل محو الجماعة محلّ اللوم.

– أشكال ممأسسة من التمييز في أجهزة الدولة – تحديداً لدى الشرطة وقوات الأمن – يمكن أن تعضدها القوانين والسلوكيات التقليدية. وهكذا يتم التغاضي عن الأذية أو تجاهلها ما يقود إلى معاملة غير منصفة تقوم على العرق, أو الجنس, أو الدين. وقد يجبر الناس الذين يعيشون في الفقر على العيش في جماعات منفصلة ومعزولة عن باقي المجتمع. وهذا بدوره يزيد من الشعور بالتباغض.

يقود كل ما ذكر أعلاه إلى الفساد في الشأن العام ويخلق بيئة مخيفة ممكن أن يندلع فيها العنف في أية لحظة. هذه هي الأرضية الخصبة التي تقود إلى تبني سياسات انتهازية ولا وجدانية. فلا مراء إذا أنه ينبغي على الصحفيين أن يمتلكوا حساً عالياً ويبقوا متيقظين أثناء عملهم حتى لا يزيدوا الأمور سوءاً.

المعلومات الأخلاقية وصناعة السلام

لقد طورت كل المجتمعات تقريباً طرقاً لحل النزاعات من دون عنف. وفي أي نزاع كان, وخصوصاً النزاعات ضمن الجماعات داخل البلد الواحد أو عبر الحدود فإن القتال لن يتوقف من دون بلوغ شروط معينة.

الشرط الأول هو الحاجة للحوار. فالأطراف المتحاربة يجب أن تجد طريقة لتتكلم مع بعضها البعض. الصحافة ممكن أن تكون مصدر للمساعدة هنا عن طريق ضمان أن الإعلام يقدم أخباراً دقيقة ومحايدة يمكن الاعتماد عليها والثقة بها من كل الأطراف.

وهكذا قد تشكل وسائل الإعلام القناة الرئيسية للتواصل من أجل كل الأطراف في النزاع. كلما قللت وسائل الإعلام من أساليب البروبوغاندا, وكلما جعلت من نفسها آلية تساعد الجماعات المتنازعة على التحدث مع بعضها البعض, كلما ساهمت في خلق جسرٍ من أجل الحوار.

وبإمكان الصحافة أن تضطلع بهذا الدور إذا التزمت بالقواعد التالية:

1. احترام قواعد الدقة والموضوعية عن طريق نقل سرديات كل أطراف النزاع لكي تساعد في الأثناء بتوعية الأطراف بالمصاعب والعقبات التي تتوجب هزيمتها.

2. تقديم قصص إخبارية شاملة والسعي لتضمين أصوات كل الأطراف فيها. فاستكشاف الواقع الاجتماعي لحياة الآخرين يساعد في الوصول لفهم راقٍ من شأنه أن يمهّد الطريق لإيجاد سبل معقولة لحل النزاع.

3. تجنب الصور النمطية التي تعزز الجهل, والتحامل والخوف. وفوق كل ذلك, يقوم الصحفي الأخلاقي بإبراز الجوهر الإنساني أثناء النزاع من خلال استخدام أسماء وصور حقيقية للوجوه, والتحدث مع ضحايا الحرب من كل الأطراف, والسماح للناس بإبداء حزنهم وغضبهم أثناء المقابلة, والتركيز على المأساة الإنسانية التي تعيشها كل الجماعات المتأثرة بالنزاع.

4. طرح أسئلة صعبة والسعي لأجل الحصول على شرحٍ للمعاني الحقيقية للتصريحات الملتبسة للقادة السياسيين الذين قد يطرحون آراءً مستفزة ومثيرة للجدل ويقصد منها إثارة الأحقاد وخطابات الكراهية.

5. تقديم النزاع في إطار يسمح بتدوير زوايا التغطية الخبرية بما يسمح لكل الأطراف لأن تقول رأيها. من شأن الصحافة الجيدة أن تقدم رؤىً جديدة بل وأفق للمفاوضات. وليس من شأن الصحافة أن تتدخل لصالح هذا الطرف أو ذاك, فالنظر لسردية الحدث من وجهة نظر مختلفة ممكن أن يلهم طريقة جديدة في التفكير وممكن أن يساعد في البحث عن حلول.

6. الانتباه في استخدام الكلمات والصور يعتبر هذا الأمر مهماً في الأوقات العادية, أما في أوقات النزاعات عندما تكون حياة الناس على المحك, فالأمر يغدو في منتهى الخطورة حيث لا ينبغي بحالٍ من الأحوال استخدام لغة غير متسامحة, أو كلمات غير منضبطة, أو استخدام صور لمجرد مقدرتها على إحداث الصدمة. علينا تجنب الأفخاخ التي ينصبها لنا أبواق الدعاية, فنتحقق من المعلومات, ونتذكر أن ما ننشره له تأثير وممكن أن يستخدم لأغراض تدميرية وخصوصاً إذا كان محرِّضاً للخوف والعنف.

[1]

المقال هو جزء من كتاب (تغطية النزاعات في عصر الهواتف الذكية) الصادر عام 2016 والمنشور على موقع شبكة الصحافة الأخلاقية

https://ethicaljournalismnetwork.org/resources/publications/ethical-choices-journalists-war