طرح ميثاق “شرف” للإعلاميين السوريين مجموعة من الأسئلة على عدد من الحاضرين في ورشة تدريب “المساءلة في الإعلام”، التي نظّمها في 29 و30 حزيران/ يونيو 2021، بمدينة إسطنبول التركية.
وتمحورت الأسئلة حول رأي المشاركين بالورشة التدريبية والموضوع الذي تناولته، وأهم الأفكار التي طُرحت أثناء الورشة من وجهة نظرهم، وسُبل تفعيل “المساءلة” في الإعلام السوري، إ ضافة إلى رأيهم بنظام الشكاوى الذي استحدثه ميثاق، باعتباره أداة من أدوات المساءلة في الإعلام.
وقالت الصحفية السورية ميساء آقبيق، إن “الورشة التدريبية مفيدة للغاية، وموضوعها مهم وضروري، لكنه ما زال جديداً على الإعلام العربي، ووسائل الإعلام ما زالت تسير على خطاه ببطء لأسباب كثيرة، تمت مناقشتها في المنتدى”.
وأضافت أن “أهم الأفكار المطروحة في المنتدى، هي أن الانفتاح والمساءلة أهم معايير الشفافية في الإعلام”، مؤكدة على أن “تفعيل المساءلة في الإعلام السوري أمر ممكن، طالما بدأ الإعلام في الدول المتحضرة بذلك، وبإنتاج دراسات متعلقة به، واليوم أصبح بإمكان الإعلام السوري الاستناد إلى هذه المرجعية لتفعيل المساءلة، لكن هذه العملية تحتاج أيضاً إلى تدريب مستمر للتعرف إليها والاطلاع على آلياتها وسبل التعامل معها وتمكين أدواتها، للوصول إلى مرحلة تكون فيه العلاقة بين الإعلام والجمهور أكثر انفتاحاً وكمالاً”.
وحول رأيها بنظام الشكاوى، قالت ميساء آقبيق إن “نظام الشكاوى في ميثاق شرف للإعلاميين السوريين ممتاز جداً، حيث عملت عليه مجموعة من الصحفيين المحترفين والخبراء”، مشددة على “وجوب أن يكون الأشخاص الذين سيتولون مهمة تطبيقه على درجة عالية من الكفاءة والمهنية والدراية بالنظام، وأن يكونوا مدركين أيضاً لوضع الإعلام السوري في هذه المرحلة”.
وأردفت أنه “قد يكون عدم وجود آلية عقوبات ثغرة في نظام الشكاوى، لكن نأمل في المستقبل أن يلقى هذا النظام المزيد من الدعم ليزداد قوة، بما يساعد على وضع وسائل الإعلام بشكل كامل أمام مسؤولياتها، وردعها في حالات ارتكاب الانتهاكات، بهدف إعادة الثقة بين الجمهور والإعلام، وتقديم صورة أفضل لوسائل الإعلام السورية أمام الجهات الدولية المعنية بالإعلام والصحافة”.
من جانبه، يرى الصحفي السوري إبراهيم حسين، مدير مركز الحريات الصحفية في رابطة الصحفيين السوريين، أن “الحفاظ على استقلالية المؤسسات الإعلامية السورية يستدعي بالضرورة أن تقوم هذه المؤسسات بعملية تنظيم ذاتي، تجعلها بمنأى مستقبلاً عن التدخلات الحكومية وفرض الوصاية عليها، ومن أجل هذه الاستقلالية لابد من تفعيل مبدأ المساءلة، الذي يضمن دوراً فعالاً للجمهور في تصويب وتطوير المحتوى الإعلامي، وهذا يتطلب التعامل مع هذا الجمهور بشفافية كاملة، وهذه أهم الأفكار التي تمحورت حولها الورشة التدريبية”.
وأضاف أن “مفهوم المساءلة في الإعلام غير مطروق بشكل واسع في المنطقة ككل، وفي سوريا بشكل خاص، لذلك قد نجد في البدايات بعض الإرباك في تفعيله”.
وأردف: “المؤسسات الإعلامية المستقلة قد واجهت العديد من التحديات واستطاعت التغلب عليها أو تطويعها والتخفيف من آثارها، وبالتالي ستكون قادرة على التعامل مع مفهوم المساءلة، ومع الأيام سيغدو هذا المفهوم فعالاً وأساسياً”.
ولتفعيل المساءلة في الإعلام السوري، أكد إبراهيم حسين على “ضرورة أن تبادر المؤسسات الإعلامية لتنفيذ جملة من المتطلبات التي ترفع من مؤشر ثقة الجمهور بما تقدمه، فعلى سبيل المثال لابد من قيامها بالإعلان بشكل واضح عن طبيعتها ومصادر تمويلها وأهدافها، وفتح قنوات تواصل ميسرة مع الجمهور، إضافة لتبنيها ميثاق شرف، والالتزام بتطبيقه، إلى جانب خطوات أخرى تعزز من حالة الشفافية بينها وبين جمهورها، وكذلك بين الكادر الوظيفي وصناع القرار في هذه المؤسسات”.
وأشار إلى “نظام الشكاوى يمثل في أحد جوانبه أداة من أدوات المساءلة، ويجعل من الجمهور شريكاً في لفت نظر المؤسسات الإعلامية إلى ما قد يعتري محتواها الإعلامي من خروقات لميثاق شرف للإعلاميين السوريين، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في تطوير هذه المؤسسات وتشجيعها على الالتزام بالمعايير المهنية وبنود الميثاق”، مضيفاً أن “نظام الشكاوى مشروع متميز ويعتبر فريداً من نوعه في الدول العربية وحتى الإقليمية، كونه استُحدث بمجهود ذاتي للمؤسسات الإعلامية السورية الموقعة على الميثاق، ودون تدخل من أي جهة أخرى”.
الصحفي السوري أحمد زعرور قال إنه “بعد منتدى حق الحصول على المعلومات الذي أقامه الميثاق، جاءت ورشة تدريب المساءلة في الإعلام كمتمم له، ففي بيئة تتيح المعلومات وتتمتع بالشفافية يصبح بالإمكان القيام بالمساءلة والمحاسبة.. كانت الورشة ناجحة تنظيمياً وغنية بالأفكار، والمصطلحات، والمعلومات، والأدوات الخاصة بالمساءلة، وتعلمناها بأسلوب تفاعلي وتشاركي ممتع”.
ويرى أن “الفكرة الأهم التي طرحتها الورشة هي من يسائل المُسائِل أو المسؤول؟ إن أحد أهم أدوار الإعلام هو مساءلة المسؤولين وصناع القرار للضغط عليهم وإحداث التغيير في حال ارتكبوا أي انتهاك، بما يلبي تطلعات الناس، فلا بد أن يكون هناك مساءلة لوسائل الإعلام عندما تقصر أو تخطئ أو تنتهك معايير وأخلاقيات العمل الصحفي، المنصوص عليها في ميثاق شرف للإعلاميين السوريين، وفي سياساتها التحريرية ومدونات السلوك”.
وأضاف أن “تفعيل المساءلة في الإعلام السوري أمر ممكن وضروري.. أتحدث عن جميع أدوات المساءلة بما فيها الرقابة والمساءلة الداخلية أي داخل المؤسسة الإعلامية، وتحتاج المساءلة هنا لإرادة أو قرار من الإدارة العليا للمؤسسة كي تفعّل المراقبة على منتجاتها، ولتخصص صحفياً معنياً بالرد والتفاعل مع تساؤلات أو اعتراضات الجمهور”.
وأشار أحمد زعرور إلى أنه “يجب أن يكون للجمهور سبيلاً يتبعه للتظلم، عندما يرى أن الوسيلة الإعلامية قد انتهكت مثلاً خصوصيته أو حقوقه في الملكية الفكرية، أو زودته بمعلومات زائفة”.
وأكد على أن “نظام الشكاوى هو إنجاز إعلامي وطني تفخر به جميع المؤسسات المنضوية تحت قبة الميثاق، فهو وسيلة حقيقية مقدمة للجمهور وللصحفيين كي يتظلمون عندما يكون محتوى المؤسسة الإعلامية يتضمن انتهاكات، وسيضطّلع نظام الشكاوى بدور المساءلة والرقابة المستمرة على وسائل الإعلام السورية، لكي تلتزم بجميع المبادئ والقواعد المنصوص عليها في ميثاق الشرف”.