يسعى ميثاق شرف للإعلاميين السوريين، من خلال نظام الشكاوى إلى تنظيم العلاقة بين الجمهور ووسائل الإعلام السورية، وتوعية الجمهور بحقه في الشكوى وتصويب أخطاء النشر والاعتراض على الانتهاكات المهنية والأخلاقية، التي قد تنتج عن التغطيات الإعلامية، وترشده إلى أساليب ممارسة حقه بطرق مهنية، ويحث العاملين في القطاع الإعلامي على الحذر من ارتكاب المخالفات التي قد توقع ضررًا بالجمهور، وتخالف قوانين حقوق الإنسان، والمعايير الدولية للصحافة.
ويوفر نظام الشكاوى مرجعية للجمهور المتضرر للتقدم بشكوى إلى لجنة مستقلة، تنظر بالشكوى ضمن محددات وآليات واضحة، منصوص عليها في النظام ومدونة السلوك المهني والأخلاقي، الصادرة عن ميثاق شرف للإعلاميين السوريين، بهدف التنظيم الذاتي لقطاع الإعلام السوري، وتطوير الممارسة الإعلامية ورفع الجودة المهنية للمحتوى الصحفي المنشور في وسائل الإعلام، وتعزيز مشاركة الجمهور في المواد الإعلامية باختلاف أنواعها.
حقوق الجمهور المتضرر
رصد موقع “سيريا برس” آراء مجموعة من الجمهور، حول نظام الشكاوى وأهميته وماهي أهم الانتهاكات التي تستوجب الشكوى على وسائل الإعلام السورية.
حيث أشادت ” حياة العلي”، بنظام الشكاوى، واعتبرته خطوة مهمة في ضمان حق الجمهور بالشكوى على الصحفيين ووسائل الإعلام، وخاصة في ظل قلة المسؤولية التي يتعامل بها الصحفيون أثناء التغطية والتصوير، وأشارت “العلي” إلى أنها ستستخدم حقها في الشكوى، في حال السب والشتم الشخصي، والإساءة للأديان والمعتقدات، واستخدام الخطاب التحريضي.
فيما أوضح “حسان الحلبي”، أن من حق الجمهور الحصول على معلومات دقيقة وواضحة، دون مواربة أو تحريف، ويجب على الصحفي احترام خصوصية الآخرين، وعدم نشر خطاب كراهية، حفاظاً على السلم الأهلي والمجتمعي، واعتبر “الحلبي” نظام الشكاوى خطوة رائدة، شكر عليها ميثاق شرف للإعلاميين السوريين، ولو أنها “خطوة متأخرة”، وفق تعبيره.
وفي ذات السياق قال “عبد الرحمن الشيخ علي”، أنه سيمارس حقه في الشكوى، لإيمانه بأن نظام الشكاوى، سيدفع وسائل الإعلام السورية للالتزام باحترام مهنة الصحافة وأخلاقياتها، خصوصاً بعد ظهور الكثير من المواقع الإخبارية وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي لإعلاميين سوريين، ينشرون أخباراً لا صحة لها، وصوراً ومقاطع فيديو دون احترام مآسي الناس، وظروفهم الصعبة، و يلتقطون لهم الصور بطريقة غير لائقة، فيها استخفاف بإنسانيتهم، وكذلك استغلال الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة في قصص ظاهرها إنساني، لكنها تسيء لهم وتقلل من شأنهم.
بدورها، قالت “مروة. أ “، أنها لا تؤمن بجدوى الشكوى، معتبرة أن القانون هو الحل الوحيد لإحقاق العدل في قضايا التشهير والقدح والذم، وستجعل الصحفيين يفكرون ألف مرة قبل اقتحام حياة الناس الخاصة، ونشر صورهم الشخصية والمقاطع المصورة دون استئذانهم، لتحقيق شهرة ومصالح شخصية على حد تعبيرها.
الانتهاكات في الإعلام
قال مدير المركز الصحفي السوري، “أكرم الأحمد”، أن أكثر الانتهاكات التي ترتكبها وسائل الإعلام، تتمثل بقضايا الحقوق الفكرية وخطاب الكراهية وتزييف المعلومات، إضافة للتنميط الذي وقع على بعض فئات من المجتمع السوري، وكذلك انتهاكات طالت حقوق الأطفال حيث يتم تصويرهم دون مراعاة القواعد المهنية، ويحق لذويهم الشكوى والمطالبة بجبر الضرر الذي وقع عليهم.
وللأسف وقعت بهذه الانتهاكات مؤسسات مستقلة بسبب قلة المعرفة أو عدم الفهم الصحيح للقواعد المهنية للعمل، ولا تزال بعض المؤسسات تقع بموضوع التنميط وخاصة عند الحديث على بعض الأقليات المكونة للمجتمع السوري بزعم تحميل أقلية ما مسؤولية مآلات الوضع السوري، سواء بالازدراء الصريح أو الحط من قدرها وإطلاق أحكام قطعية وصفات غير مرغوبة.
ويحق لممثلي هذه الفئات تقديم شكوى للجنة الشكاوى، عندما يقع عليهم تنميط، أو إطلاق تسميات أو صفات عامة تسبب لهم إزعاجاً، أو ضرراً من المحتوى الإعلامي، الذي يهدف لتعميم أو ترسيخ رأي أو فكرة تسوغ لممارسات تمييزية أو عنف ضدهم.
ويفترض متابعة خطاب الكراهية الذي تنشره وسائل الإعلام، وفق “الأحمد”، من ممثلي منظمات المجتمع المدني الذين يستطيعون تمييز أهداف الخطاب الإعلامي للمؤسسات والمبادرة لتقديم الشكوى في حال ارتكاب المؤسسات لهذا الانتهاك سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
ويضيف “الأحمد”، عند انتهاك خصوصية أي شخص أو إقحام حياته الخاصة في الأخبار أو نشر تسجيلات تتعرض لحياته أو للمصادر دون مبرر مهني، فله حق الشكوى ضد المؤسسة أو الصحفي، وكذلك إجراء المقابلات مع العامة، يجب أن تجرى دون أي ضغوط، أو إخفاء المؤسسة التي تجريها، وإلا للجمهور الحق في تقديم شكوى.
إلى ذلك، قالت عضو لجنة الشكاوى الإعلامية “سهير أومري”، هناك الكثير من الانتهاكات التي يرتكبها الإعلام في حق الجمهور، منها كل ما يلحق الأذى به من الناحية الأمنية أو الجسدية أو النفسية، على سبيل المثال نشر اسم وصورة لضحية متحرش بها، أو أن تستعمل أقوال شخص ما في سياق آخر، وكذلك إفشاء الأسرار، وسرقة مواد صحفية ونسبها لغير أصحابها، وتعريض مصادر المعلومات للخطر بالإشارة لهم دون موافقة صريحة منهم، وعدم إتاحة الرد للجمهور في الصحيفة لبيان موقف، أو عند الإساءة لهم على مادة منشورة.
وعن أهمية لجنة الشكاوى في تنقية المحتوى، قال “الأحمد”، غيرت تكنولوجيا الاتصال طرق العمل الصحفي وطرق وآليات تلقي المعلومة، وتغير دور الجمهور بالإعلام الحديث وأصبح مشاركاً فاعلاً بالمحتوى الإعلامي، وأحيانا منتجاً للمحتوى، وهنا تكمن أهمية لجنة الشكاوى في تنظيم العلاقة بين الجمهور والوسائل الإعلامية، وتمكين العلاقة والثقة لإحداث التغيير المنشود في المجتمع ونجاح المؤسسات الإعلامية بمهامها.
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي إحدى أدوات العمل الصحفي ما شكّل تحدياً كبيراً أمام الصحفيين بمواضيع الدقة والنزاهة، وزاد التحدي بتزايد مساحة البيئة الالكترونية المفتوحة، وكسر ما كان يتميز به الإعلام التقليدي من ضوابط، وهذا التطور كان لابد من أن يوازيه خلْقُ أدوات المتابعة والضبط المهني، حتى يتحقق التوازن المطلوب في دور الصحافة الهام والمحوري، وهذا الواقع زاد من أهمية وجود لجنة تتابع تطبيق الضوابط المهنية، وتدفع باتجاه ترشيد استخدام المعلومات المتداولة عبر وسائل التواصل والمساهمة بفاعلية أكبر لخلق رأي عام واع وبنّاء.
وتزيد أهمية لجنة الشكاوى، كونها تشكل بشكل غير مباشر، رادعاً يلزم المؤسسات المستقلة بالاهتمام أكثر بضبط المحتوى، وفق معايير مدونة السلوك المهني والأخلاقي لميثاق شرف، والذي يحدد القواعد الواجب اتّباعها، لوقف أي انتهاك بحق الجمهور، والحفاظ على الحريات العامة للأفراد والمؤسسات ما يساهم بزيادة ثقة الجمهور بالإعلام المستقل. وفق “مدير المركز الصحفي السوري”.
وحول أهمية نظام الشكاوى، أضافت ” أومري” أن النظام مهم لأن الصحافة سلطة رابعة يجب أن تأخذ دورها الحقيقي، بحيث يكون الإعلام فاعلاً وإيجابياً، ويساهم في تنمية المجتمع ويبتعد عن شرذمة أفراده، ووضع الإعلام على سكة الصحافة المسؤولة.
آلية تقديم الشكوى
يستطيع الجمهور المتضرر تقديم شكوى، بحسب منسق لجنة الشكاوى “إبراهيم حسين”، من خلال تعبئة نموذج خاص، موجود على الموقع الرسمي للميثاق وعلى مواقع المؤسسات الموقعة عليه.
بعد إتمام النموذج، تصل الشكوى للجنة الشكاوى، التي تبادر للتعامل معها وفق الآليات الموضحة في التعليمات التنفيذية لنظام الشكاوى.
تتعامل اللجنة بسرية تامة مع الشكاوى الواردة إليها، وتقوم بتقييمها تقييماً أولياً فإن كانت ضمن اختصاص اللجنة، تقوم بالسعي بداية لإيجاد حل توافقي بين الشاكي والمؤسسة المشكو منها، بعد تحفيزهما على التواصل المباشر.
إن لم تنجح المساعي، وبقي الشاكي مصراً على شكواه، تقوم اللجنة بدراستها، وإن وجدت الشكوى محقة، تعلم المؤسسة المشكو منها بضرورة اتخاذ إجراء مناسب تحدده اللجنة.
قرار اللجنة قابل للاستئناف لدى لجنة المراجعة التي تدرس الاستئناف، ومن ثم تبت فيه بقرار مبرم.
غصون أبو الذهب -سيريا برس