يكتسب منتدى العلاقة التشاركية بين الإعلام (وسائل الإعلام والإعلاميين) من جهة والجمهور المتلقي من جهة أخرى أهمية استثنائية، باعتبار أن وسائل الإعلام التقليدية (الإذاعة والتلفزيون والصحيفة الورقية)، باتت تعاني من ضعف بشكل كبير في مسألة التفاعلية والتشاركية مع الجمهور المتلقي، وفق رؤية الدكتور كمال الحاج ميسّر المنتدى.
وأضاف أن هذه الوسائل لجأت إلى الإعلام الإلكتروني لتحمّل مضامينها الإعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فالجمهور يحتاج ويرغب بهذا التشارك، وكذلك الإعلامي ووسائل الإعلام أيضاً، وجاء هذا المنتدى ليناقش آليات تحقيق المنفعة المتبادلة والمشتركة لهذين الطرفين وبذلك تضمن المنتدى ثلاثة محاور.
• محور أول خاص بالعلاقة التشاركية من وجهة نظر تتناول دور الإعلاميين في هذه العلاقة التشاركية.
• المحور الثاني يلحظ علاقة تشاركية ويركز على الجمهور بهذه المسألة.
• وهناك محور ثالث خاص بالدور الذي تقوم به “لجنة الشكاوى” في ميثاق شرف للإعلاميين السوريين في هذا الإطار بتعزيز وتفعيل العلاقة التشاركية بين الطرفين.
المنتدى سبقه بحث مصغر أجري على عدد من الصحفيين والجمهور، استعرِضت نتائجه خلال جلسات المنتدى الذي عقد عبر تقنية “ZOOM”، الخميس 29-12-2022، وشارك فيه نحو 20 صحفياً سوريا.
إجابات من شاركوا في استبيان البحث العلمي ومقترحاتهم، ركزت على أهمية التشاركية بين الجمهور ووسائل الإعلام، انطلاقاً من اعتماد كثير من الباحثين مقولة (لا وجود لرسالة إعلامية بلا متلقي)، فباسم الجمهور، ومن أجله تنتج البرامج، والجمهور هو الذي يستهلك ويتفاعل ويدعم الإعلانات في وسائل الإعلام وهو الذي يتأثر بها، ولذلك يحرص الإعلامي الذي يبحث عن النجاح أن يعرف جمهوره تماماً.
الصحفية كاتيا داغستاني قالت إن “مساحات النقاش المفتوحة في المنتدى زادت من خبرات وتجارب المشاركين، والمادة التي تمت مناقشتها مثيرة للاهتمام وفتحت عندي أفقاً لتساؤلات كبيرة، ولاسيما التأكيد على دور التواجد الرقمي ضمن الضوابط الصحفية الاصيلة وبشكل عصري”.
وأضافت أن الحديث عن صحافة الحلول ومدى نجاعة الشكل أو التسمية، كأحد أشكال التشاركية يحتمل الحديث عنه بشكل أكبر في المنتديات والورشات القادمة، “ولفت نظري استخدام مصطلح الصحفي أو الإعلامي “حارس البوابة” والدور المزدوج المأمول منه من خلال مشاركة للجمهور في اختيار المضمون والشكل للمواد الإعلامية”.
داغستاني أكدت أن المنتدى أضاف للمشاركين وعياً ذاتياً، وسيساهم في وعي المحيط في حال تنفيذ ما جاء فيه من مقترحات، كما رفع القدرة لدى المشاركين في اختيار الخبر المناسب للجمهور المناسب، والحصول على بوابات تواصل فعاله وحقيقية، بالإضافة إلى الحرص على تحويل المؤسسة الاعلامية إلى مساحة تشاركية، وعدم الاقتصار على المنح، وبالتالي يشعر المتابع بأنه معني وضمن مساحة تمثله وتتحدث بلسانه وتحترمه.
الصحفية دانا سقباني أشارت إلى أن وسائل الاعلام القديمة علاقتها مع الجمهور (من طرف واحد) اما الوسائل الحديثة فعلاقتها متبادلة، وهذا ما يدفع للبحث عن العلاقة التشاركية بين الصحفي أو المؤسسة الإعلامية مع الجمهور، وأشادت باستخدام مصطلحات اكاديمية اعلامية حقيقية، وفق نظريات إعلامية.
وأكدت سقباني على أن عرض نتائج الاستبيانات أثرت المنتدى والملاحظات التي خرج بها البحث الذي سبق انعقاد المنتدى، كانت مفيدة ومميزة جداً، ويستطيع الصحفي أن يستفيد من نتائج الاستبيانات التي طرحت في تحديد عدد من التوجهات، من بينها أولويات الجمهور، للحصول على مهارات لعلاقة أكثر تفاعلية مع الجمهور.
الدكتور كمال الحاج قال إن المحور الأول ركز على الأدوار التي يقوم بها الإعلامي، والمأمول أن يقوم بها ليفعّل وينشط هذه العلاقة التفاعلية مع الجمهور المتلقي، وتم التركيز على طبيعة هذه العلاقة بين الإعلامي ووسائل الإعلام والجمهور، وقدم ثلاثة أنماط رئيسية من هذه العلاقة.
• النمط الإيجابي الفاعل هو الذي ينظر إلى الجمهور نظرة إيجابية، تجعله يتشارك في هذه العملية الاتصالية، من خلال التشاركية والتفاعل في هذه العملية، التي تلحظ وتهتم برغبات واحتياجات الجمهور.
• نمط الهيمنة أي أن الإعلامي يسيطر ويريد أن يوصل ما يريده فقط، بغض النظر عن اهتمامات الجمهور.
• النمط الثالث هو نمط الاندماج الكامل والتوحد مع أهداف المؤسسة الإعلامية.
ومن وجهة نظر الحاج نمط الهيمنة سيئ بكل معنى الكلمة، أما النمط الثالث لا يمكن إنكار وجوده وضرورته للمؤسسات، ولكن المطلوب هو أن يحصل نوع من التوليف أو توليفة متكاملة بين ما تريده المؤسسة وما يريده الجمهور، وبالتالي يكون هناك علاقة تكاملية بين الطرفين.
أما المحور الأخير فتضمن الدور الذي تقوم به لجنة الشكاوى في تجسير العلاقة بين الطرف الأول (وسائل الإعلام والاتصال والإعلاميين) والطرف الآخر وهو المتلقي، بحيث أنها تنشّط هذا التعاون والتشارك والتفاعل بين الطرفين، والعمل على ألا يكون هناك غربة بين الجمهور المتلقي والوسائل الاعلامية التي يتعرض لها او يتعامل معها.
وعن المقترحات التي قدمها المنتدى فأشار ميسّر المنتدى إلى أنها تمثلت في:
مقترحات خاصة بدور الإعلاميين في التشاركية مع الجمهور
• مراعاة رغبات واحتياجات الجمهور الإعلامية ودراستها من خلال إجراء بحوث ودراسات مسحية تعتمد منهجية علمية، على أن يكون ذلك مرة كل سنة على الأقل.
• إفراد مساحة كافية لمشاركات الجمهور الجيدة (المكتوبة والمسموعة والمرئية) في مواقع التواصل والمواقع الإلكترونية للوسائل الإعلامية وإتاحة الفرصة لأفراد الجمهور للقيام بأدوارهم كصحفيين مواطنين.
• الحرص على التعامل مع شكاوى الجمهور بخصوص الموضوعات التي تنشرها الوسائل الإعلامية.
مقترحات خاصة بالجمهور المتلقي:
• التعامل معه كجمهور متنوع وليس ككتلة واحدة متشابهة الخصائص.
• تلبية رغباته الإعلامية من خلال المضامين الإعلامية التي توجهها الوسائل الإعلامية.
• الوفاء باحتياجاته الإعلامية من خلال المضامين التي توجهها الوسائل الإعلامية.
• مراعاة تبدّل الرغبات والاحتياجات الإعلامية تبعاً لظروف كثيرة منها خصائصه، والظروف البيئية والمجتمعية الخ…
• إتاحة الفرصة له للقيام بدوره كمواطن صحفي فاعل ومؤثر من خلال إفراد مساحات كافية ومناسبة له في منشورات الوسائل الإعلامية والاتصالية.
• الحرص على الرد والتفاعل مع ما ينشره أفراد الجمهور المتلقي والتعامل معه بالجدية المطلوبة.
• حفظ حقه في مراقبة أداء الوسائل الإعلامية ونقدها في حال لم تلتزم بالأخلاق المهنية، وتقبّل تعاونه مع الهيئات التي تنشط في هذا المجال (مثلاً: ميثاق شرف/ لجنة شكاوى).
• إتاحة الفرصة للجمهور في ظهور إعلامي فاعل من خلال الحضور في برامج المشاركة الجماهيرية كمناقشين وطارحي آراء ووجهات نظر حول الموضوعات المتناولة.
• تكثيف حضور وسائل الإعلام في المجتمع والتعامل بآنية موضوعية مع القضايا التي تمس مصالح الجمهور وهمومه الحياتية.
• الالتزام بالدقة والشفافية والموضوعية والحيادية في تناول كل الموضوعات وخصوصاً عند معالجة قضايا الجمهور التي تمس حياته اليومية.
مقترحات خاصة بلجنة شكاوى في ميثاق شرف:
• تحفيز وسائل الإعلام والاتصال على رصد ردود أفعال الجمهور على المنشورات والرد عليها على نحو منتظم.
• تشجيع وسائل الإعلام على إجراء بحوث ودراسات تحليلية على المضمون الذي تقدمه بهدف معرفة طبيعة ردود ومشاركات جمهور المتلقين على المضامين الإعلامية المنشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية للوسائل الإعلامية.
• تشجيع وسائل الإعلام على إجراء بحوث ودراسات مسحية (بارومتر) على عينة من الجمهور لمعرفة مدى (الاستماع – المشاهدة – التصفح) للمضامين الإعلامية، ومعرفة رغبات واحتياجات الجمهور الإعلامية.
• تقديم النصح للوسائل الإعلامية بتشكيل لجان مراقبة ذاتية للأداء.
• السعي لضم عينة من أفراد الجمهور الأكثر تفاعلاً ومشاركةً للجنة المراقبة الذاتية التي تشكلها الوسائل الإعلامية.