آليات تمكين الجمهور من ممارسة حقه في المساءلة والرقابة… أسباب العزوف عن ممارسة هذا الحق… مقترحات وتوصيات

بحضور 20 صحفياً وصحفية من وسائل إعلام مستقلة ومنظمات مجتمع مدني، عقدت هيئة “ميثاق شرف للإعلاميين السوريين”، الخميس 27-4-2023، منتدى بعنوان: “آليات تمكين الجمهور من ممارسة حقه في المساءلة والرقابة”، عبر تقنية “zoom”.

المنتدى اعتمد مبدأ الحوار والمناقشة من قبل المشاركين، وتلقي آرائهم في كيفية تعزيز ثقافة الشكوى، لدى الجمهور، وذلك من خلال التجارب التي مرت بها المؤسسات الإعلامية المنتجة وغير المنتجة للمحتوى، للوصول إلى استراتيجية يمكن من خلال تنفيذها تمكين الجمهور من ممارسة حقه في المساءلة والرقابة.

بدأ ميسر المنتدى زيدون الزعبي في بداية الجلسة الأولى بالتعريف بالحاضرين، وانتقل بعد ذلك لتلخيص استعرض من خلاله الواقع الذي عاشه ويعيشه السوريون على مدى اثني عشر عاماً منذ اندلاع الثورة السورية، والتغيرات التي طرأت على الساحة السياسية، ولاسيما مسألة التطبيع، التي ستجعل الإعلام المستقل في مواجهة تكتل أو اتحاد للإعلام السلطوي.

كيفية كسب الجمهور

انتقل ميسر المنتدى بعد ذلك لتوضيح أن التركيز الأكبر لوسائل الإعلام المستقلة في هذه المرحلة يجب أن يكون كسب الجمهور، وذلك من خلال توعيته لحقوقه وواجباته تجاه وسائل الإعلام، مستعرضاً بعض التحديات التي تعيق رفع مستوى وعي الجمهور بحقه في المساءلة والمراقبة على وسائل الإعلام، وتساءل عن الأسباب التي تجعل الجمهور يحجم عن ممارسة حقه بالشكوى في حال حصول انتهاكات من قبل وسائل الإعلام، وأضاف: “هل يعد الجمهور واعياً فعلاُ لحقوقه في مراقبة ومساءلة وسائل الإعلام؟”.

أسباب عزوف الجمهور عن الشكوى

طرح بعد ذلك المشاركون إجاباتهم ووجهات نظرهم، التي لخصوا من خلالها أسباب عدم شكوى الجمهور على وسائل الإعلام، في عدم الوعي الكافي في ثقافة الشكوى، واعتقاد الجمهور بعدم جدوى الشكوى، وقلة وعي الجمهور بحقوقه بالشكوى بشكل عام، ولاسيما الشكوى على الإعلام.

بدأ المشاركون بالإجابة وإبداء آرائهم، وقالت غصون أبو الذهب رئيسة تحرير “سيريا برس” إن الجمهور لا يعي حقوقه في الشكوى، وذلك لارتباط فكرة الشكوى بالجدوى المادية أو القانونية، بعيداً عن دور الميثاق ولجنة الشكاوى، الذي يعد أخلاقياً بالدرجة الأولى، وأن الجمهور لا يملك الوعي والمعرفة الكافية بنظام الشكاوى، ودوره بالتأثير على وسائل الإعلام الموقعة على الميثاق، ما يجعل مسألة الشكوى صعبة نوعاً، وبررت ذلك بعدم معرفة الجمهور بمواطن الشكوى، وقناعته بعدم جدواها.

من جهتها قالت ندى أسود عضوة لجنة الشكاوى: إن هناك ثلاثة أسباب لعدم إقبال الجمهور على الشكوى، وأولها قلة وعي الجمهور بحقوقه بشكل عام، وليس فقط تجاه الإعلام، سواء كانت حقوقية أو اقتصادية وسياسية، “فإذا كان الجمهور لا يستطيع المطالبة بحقوقه الأساسية، فسيعتبر مسألة مساءلة الإعلام مسألة ترفيهية”، والسبب الثاني هو عدم معرفته بتعريف الانتهاك الذي ترتكبه وسائل الإعلام سواء بالصورة أو بالوصف أو بالمحتوى، وربطت ذلك بالسبب الثالث وهو أن المساءلة والمحاسبة مفاهيم متقدمة جداً لمجتمع لا يستطيع المطالبة بحقوقه الأساسية.

وأضافت أن ثقافة الاعتراض تغيرت اليوم، وذلك بعد أن أصبح الفضاء مفتوحاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يعد أمر الاعتراض محصوراً بالنخب، وأشارت إلى أن إحجام البعض عن الشكوى لسهولة الرد المباشر عبر التعليق أو كتابة منشور اعتباري، يجعل المؤسسة الإعلامية ترد عليه بشكل أسرع من طرق الشكوى المؤسساتية، والتي تشكو البيروقراطية، وتستغرق وقتاً أطول للوصول إلى نتيجة.

عبير هاشم صحفية من “المركز الصحفي السوري” عزت عدم شكوى الجمهور على الانتهاكات إلى عدم قدرته بالأصل على المطالبة بحقوقه الأساسية، وأن فئة من الجمهور بسبب حاجتها، لا ترى الصورة انتهاكاً إذا كانت المنظمة ستقدم لها مساعدة سواء إغاثية أو مادية على سبيل المثال، مضيفة أن الجمهور لا يمتك الأدوات والمعرفة التي تؤهله لمعرفة لمن يشتكي وعلى ماذا يشتكي، ومن الواجب على وسائل الإعلام أن تقوم بهذا الدور لتوعية الجمهور بحقه في الشكوى.

في حين قالت مروى الغفري – صحفية مستقلة: إن علينا بداية أن ننظر إلى كيفية التعامل من قبل المؤسسات الإعلامية مع الشكوى، وتقبلها للنقد، وضربت مثالاً: “حين يكتب أحد المتابعين تعليقاً ينتقد فيه المنشور، فإن بعض المؤسسات الإعلامية تحذف التعليق، أو ترد بشكل هجومي”، موضحة أن علينا أن نوعي المؤسسات الإعلامية بتقبل الشكوى والنقد، بالتوازي مع توضيح مدى أهمية توعية الجمهور بثقافة الشكوى.

وأضافت الغفري أن فئة من الجمهور فهمت الشكوى على أنها فعل انتقامي بهدف اٌيذاء وتشويه السمعة وصولاً إلى إغلاق الوسيلة الإعلامية، وأن فئة أخرى تعتمد الشكوى على أنها تطويرية بهدف تحسين المحتوى، وفئة ثالثة تفتقد الوعي لأدوات المخاطبة السليمة.

تطرق بعد ذلك مسير المنتدى زيدون الزعبي، لتلخيص أسباب العزوف عن الشكوى، وفق آراء طرحها المشاركون في المنتدى، وتمثلت هذه الأسباب وفق راي الحاضرين بـ:

• عدم وعي الجمهور بحقوقه.

• الجمهور أخذ يسلك طريقاً مختصراً عبر “السوشيال ميديا” من خلال التعليق أو “الهاشتاغ “هرباً من البيروقراطية والوقت الذي يمكن أن تأخذه لجنة الشكاوى في الرد على الشكوى.

• الملل واليأس والخدمات التي يُمكن الحصول عليها، في ظل التفات الجمهور إلى تأمين العيش والسكن ولقمة الخبز، وعدم اهتمامه بموضوع الشكوى.

• العقوبات الرادعة للمؤسسات المنتهكة لحق الجمهور هي عقوبات أخلاقية وليست قانونية.

• حصر الشكوى بالنخب فقط.

• بيئة العمل في المؤسسات الإعلامية التي لا ترحب بالشكاوى.

• سواد تقديم بعض الشكاوى بغرض التشفي “شكاوى كيدية”.

بدأت الجلسة الثانية بطرح ميسر المنتدى عدة أسئلة حول الآليات والاستراتيجيات العامة التي يتعين على المؤسسات الإعلامية (المنتجة للمحتوى وغير المنتجة للمحتوى)، والمنظمات والأفراد، القيام بها لرفع مستوى الجمهور بالمساءلة والمراقبة، وذلك بعد تقسيم الحاضرين إلى ثلاث مجموعات، (المجموعة الأولى: مجموعة المؤسسات غير المنتجة للمحتوى، المجموعة الثانية: مجموعة المجتمع المدني، المجموعة الثالثة: مجموعة المؤسسات المنتجة للمحتوى)

مقترحات وتوصيات المؤسسات الإعلامية والمنظمات المشاركة في المنتدى

بعد نقاش بين الحاضرين قدّمت كل مجموعة مقترحاتها، وطرح المشاركون ملاحظاتهم وإضافاتهم حول هذه المقترحات،

تم التوافق على مقترحات وتوصيات المؤسسات الإعلامية والمنظمات المشاركة في المنتدى أكدوا فيها فيها على ما يلي:

• ضرورة إنتاج مواد إعلامية تساهم في التعريف بلجنة الشكاوى ضمن حملات ترويجية للميثاق ولجنة الشكاوى.

• دعم المؤسسات المنتجة للمحتوى من خلال بناء قدرات وتدريب الكوادر الإعلامية على التعامل مع الشكاوى.

• معرفة الانتهاكات من قبل الجمهور والمؤسسات وذلك يساهم في تجنبها من قبل الإعلام، والشكوى عليها في حال وقوعها من قبل الجمهور.

• ضرورة إقامة جلسات مع منظمات المجتمع المدني والمجالس المحلية من جهة، والمؤسسات الإعلامية من جهة أخرى، بهدف توعية الطرفين بنظام الشكاوى والانتهاكات التي يمكن أن يعمل الجمهور على محاسبة ومساءلة وسائل الإعلام في حال ورودها في المحتوى المنشور.

• إطلاق حملات مناصرة مشتركة للتوعية بحق الشكوى، ويكون دور المنظم فيها للمنظمات غير المنتجة للمحتوى.

• تحفيز المؤسسات الموقعة على الميثاق لوضع “إيميل” لجنة الشكاوى، في خانة و”لينك” خاص على المواقع الإلكترونية وضمن الأخبار.

• تمكين وتدريب المؤسسات المنتجة للمحتوى على إنتاج مواد جذابة للمتابع للتعريف بلجنة الشكاوى، والانتهاكات التي يمكن تقديم الشكوى عليها.

• إيصال معلومة أن الفائدة للمؤسسة الإعلامية المنتجة للمحتوى أنها تتميز عن غيرها، باتباعها معايير الصحافة المهنية والأخلاقية.

• تحديد نقاط الضعف في نظام الشكاوى والعمل على تطويره من خلال توعية الجمهور بحقه في تقديم الشكوى.

• النشر الدوري لنتائج التحقيق في كل شكوى مقدمة على مؤسسة إعلامية يساعد في نشر ثقافة الشكوى.

• التوقيع من قبل أي مؤسسة إعلامية على الميثاق يعتبر رادعاً لوقوع الانتهاكات ولو كانت هذه المحاسبة أخلاقية وليست قانونية.

• التركيز على أهمية وجود “محامي أو محرر القراء” وهو صحفي عضو بالمؤسسة يتلقى ويتابع الشكاوى ضمن الموقع، يعزز ثقافة الشكوى، ودور لجنة الشكاوى.

• بناء الثقة بين الجمهور ووسائل الإعلام من خلال التدريبات وورشات العمل وجلسات الحوار على عدة مستويات مع مؤسسات المجتمع المدني والمجالس المحلية.

• تعزيز دور التواصل مع الجمهور من خلال إجراء استطلاعات رأي للجمهور حول نظام الشكاوى.

• التأكيد على أن كيفية تفعيل آلية الشكوى، يجب أن تكون من خلال آليات واضحة وبسيطة تتوافق مع كل الشرائح والمرجعيات، ودراسة حالات حول كيفية تقديم الشكاوى وكيفية معالجتها.

• إقامة جلسات ودورات تدريبية لأعضاء لجان الشكاوى.

• التعامل مع عائق الوقت والبيروقراطية وتسريع آلية معالجة الشكوى.

• ضرورة تواصل الإعلام والمؤسسات الإعلامية مع منظمات المجتمع المدني، لأن هذه المنظمات هي مفتاح التواصل مع الجمهور، ويجب تحسين وتطوير آليات التواصل الفعالة بين الطرفين.

• إنشاء دليل (كتيّب) يختص بمفهوم الحقوق والواجبات للمساءلة والرقابة في نظام الشكاوى.

• اعتماد نظام المكافآت للموظفين الملتزمين بأخلاقيات العمل الصحفي في المؤسسات الإعلامية المنتجة للمحتوى، بالإضافة إلى مكافآت تقدم من المؤسسات غير المنتجة للمحتوى، للمؤسسات الإعلامية المنتجة لمحتوى خال من الانتهاكات.

وفي نهاية المنتدى تم تدوين كل المقترحات والتوصيات وتسليمها للإدارة التنفيذية لـ “ميثاق شرف للإعلاميين السوريين” لصياغتها وتوزيعها على جميع المؤسسات الموقعة على الميثاق والمشاركة في المنتدى.

لتقديم شكوى اضغط هنا