تواصل هيئة ميثاق شرف عقد جلسات ومنتديات وورشات تدريب للصحفيين السوريين في إطار سعيها للوصول إلى صحافة أخلاقية وإعلام يخلو من الانتهاكات، في المؤسسات الإعلامية السورية.
وفي هذا الإطار عقدت هيئة ميثاق شرف للإعلاميين السوريين، الخميس 5-10-2023، منتدى حوارياً بالتعاون مع رابطة الصحفيين السوريين، شارك فيه 27 صحفياً وصحفية بالحضور الفيزيائي أو عبر تطبيق “ZOOM” (أونلاين)، حول “تَوعيَة وتَمكين الصحفيين والصحفيات الشباب حول القضايا القانونيّة المتعلّقة بظروف العمل وحماية أنفسهم في مناطق النّزاع”، بمدينة غازي عنتاب التركية.
ميسر المنتدى المحامي غزوان قرنفل بدأ الجلسة الأولى بتعريف القانون وانتقل لشرح تفصيلي لأهم العناصر التي يتعين توفرها في عقد عمل الصحفي، ولاسيما اسم المتعاقدَين مفصلا وصفتهما والغاية من التعاقد وعنوان المتعاقدين مع أرقام التراخيص أو العضوية في الروابط أو الهيئات الصحفية والإيميل المعتمد والخاص بكل فريق ورقم هاتفه.
وتطرّق بعد ذلك للحديث عن مسؤوليات والتزامات كل فريق بوضوح وتفصيل فيما يخص العقد، كالمدة ومكان تنفيذ العمل، والأجر المتفق عليه رقماً وكتابة ونوع العملة التي يؤدى بها، والتعويضات الإضافية والنفقات، والمرجعية القضائية للفصل بالمنازعات الناشئة أو المرتبطة بمضمون العقد.
الجلسة تضمنت نقاشات وطروحات من الحاضرين حول الطريقة التي يمكن من خلالها عدم السماح للمؤسسة الإعلامية باحتكار العقد لديها وعدم إعطاء نسخة للمتعاقد أو الصحفي، ومعلومات تفيد في حماية الصحفيين ضمن ظروف الحرب ومكان الترخيص لفض النزاع بين الصحفي والمؤسسة، وعن كيفية تصرف الصحفيين الذين تخلت عنهم مؤسساتهم في تركيا، ودور الميثاق والرابطة وتأثيرهما على مسألة الالتزام والتقيد بالعقود، في حين رد ميسّر المنتدى غزوان قرنفل ورئيس مجلس إدارة الميثاق أحمد العبسي وعضو مجلس إدارة الميثاق أكرم الأحمد على تساؤلات المشاركين، قانونياً وتنظيمياً.
فاطمة قرنفل المديرة التنفيذية لمركز الكواكبي للعدالة الانتقالية وحقوق الإنسان، إحدى المشاركات في المنتدى قالت إنها تعتقد أن “هذه المناقشات مهمة ومميزة كونها تناولت محاور قانونية وحقوقية تتعلق بالحماية القانونية للصحفيين ضمن مناطق النزاع، وهو جانب مهم ويشكّل إضافة لخبرات الصحفيين الشباب الذين يجب أن يحصلوا على إحاطات قانونية ولو بالحدود الدنيا”.
وأضافت أن المنتدى كان فيه مساحات للحوار والنقاش ساهمت بالتوازي مع الخدمات اللوجستية، بإغنائه، وتوفير عناصر الراحة والانسجام للمشاركين.
الجلسة الثانية تحدّث فيها ميسّر المنتدى حول القانون الدولي الإنساني وحماية الصحفيين في حالات النزاع المسلح، من خلال تعريفه وتوضيح الفرق بينه وبين القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأوضح أن القانون الدولي الإنساني هو مجموعة من القوانين واللوائح والاتفاقيات التي تهدف إلى تنظيم سلوك الأطراف المتحاربة في حالات النزاع المسلح وحماية الأفراد غير المشاركين في النزاع، وهذا يشمل أيضاً حماية الصحفيين الذين يعملون في هذه المناطق، مشيراً إلى أن القانون الدولي الإنساني يؤكد على أهمية حرية التعبير وحرية الصحافة حتى في حالات النزاع المسلح. ويقرُّ بأنه ينبغي ألا يتعرض الصحفيون للمضايقة أو الاعتداء بسبب مهامهم الصحفية.
وأضاف أن هناك الكثير من المواثيق الدولية تقر بذلك وتعزز هذا الحق كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والقواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني، مؤكداً أن القانون الدولي الإنساني يشدد على حماية الأفراد المدنيين وممتلكاتهم أثناء النزاع المسلح، وأن الصحفيين الذين ليسوا جزءاً من القوات المسلحة يعتبرون مدنيين، وبالتالي يجب أن يتمتعوا بحماية خاصة.
واستعرض قرنفل بعض القوانين الدولية المتعلقة بالصحفيين في مناطق الحروب، ومنها “المادة 4″ من اتفاقية جنيف الثالثة، و”المادة 79″ من البروتوكول الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف لعام 1949، و”المادة 19″ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966، و”المادة 34 ” من الفصل العاشر في القواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني، وقرار مجلس الأمن الدولي “رقم 1738”.
وبيّن قرنفل الفرق بين الصحفي والمراسل الحربي، موضحاً أن الصحفي هو إعلامي يقوم بنقل الحدث دون أن يكون له بالضرورة ارتباط بأي من الفريقين المتحاربين وبالتالي هو شخص مدني ويجب أن يعامل بتلك الصفة، أما المراسل الحربي فهو الصحفي الذي يحمل ترخيصاً رسمياً من القوات المسلحة التي يرافقها وبالتالي يجب معاملته كأسير حرب.
تخلل الجلسة عدة مداخلات من المشاركين حول محاكمة صحفي في ألمانيا لأنه صوّر مقطعاً في سوريا، والإجراءات التي يمكن أن يقوم بها الصحفي حتى لا يكون مداناً عندما يخرج من سوريا، والدول الموقّعة على القوانين الدولية الخاصة بحماية الصحفيين ولكنها لا تلتزم بتنفيذها، وأجاب الميسّر وبعض المشاركين من ذوي الخبرة والتجربة عن التساؤلات التي طرحها المشاركون.
عضو مجلس ادارة راديو فرش، أسامة الأحمد رأى أن “المنتدى لم يقتصر على غناه بالمعلومات المفيدة وانما جو الحوار والمناقشة وتبادل الخبرات في مواضيع المنتدى كان ذو تأثير فعّال وايجابي في تطوير المعارف لدى المشاركين”، مضيفاً أن ما تم طرحه من معلومات توافق مع ما يهم المشاركين من الصحفيين، حول أهمية إيجاد البيئة القانونية لعمل الصحفيين والمؤسسات الإعلامية.
وأضاف أن المنتدى ناقش واقع عمل الصحفيين والمؤسسات الصحفية وآليات الوصول إلى بيئة قانونية للعمل واعتبارها ذات أولوية لضمان حماية حقوق وواجبات المتعاقدين (مؤسسة – صحفي)، وأغنى ذلك التطرق إلى القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان، وبيان الموقف القانوني للصحفيين في النزاعات، والإضاءة على مواد حماية الصحفيين وأهمية حقوق حرية التعبير والعمل الصحفي، وفق الأحمد.
وختم حديثه بالقول إن “المنتدى أضاف إليَّ كعضو مجلس إدارة في راديو فرش آلية جديدة في التفكير للتعاطي بحرص أكبر مع الصحفيين والإعلاميين المتعاقدين مع راديو فرش، وضرورة إضافة دليل السلامة المهني إلى مدونة السلوك كإجراء وقائي لنشر التوعية في مجال السلامة المهنية للصحفيين والإعلاميين في بيئة النزاع في سوريا”.
الصحفية مروة الغفري قالت إن موضوع المنتدى مهم جداً والمحاور التي تم طرحها خلال الجلسات تلامس الهموم والتحديات التي يواجهها الصحفيون والصحفيات خلال عملهم في المجال الإعلامي وخاصة في الآونة الأخيرة التي قد يؤدي فيها عدم أو قلة الوعي القانوني إلى مخاطر الترحيل في بعض دول اللجوء.
وأضافت أنه من المهم أيضاً حرص الميثاق على تواجد صحفيين من الداخل السوري وعدم الاكتفاء بالصحفيين المتواجدين في المنطقة التي يعقد فيها المؤتمر وتذليل الصعوبات لذلك، وذلك بهدف تبادل الخبرات والمعلومات والتجارب بين الداخل والخارج والوقوف على الحلول العملية على أرض الواقع.
عن المعلومات التي تلقّتها خلال المنتدى قالت الغفري إن “ما طرحه الأستاذ غزوان قرنفل مشكوراً غني ومفيد وقابل للتطبيق وخاصة في مجال العقود والأمور التي يجب أن يحرص عليها الصحفي أثناء التعاقد مع أي مؤسسة إعلامية، فيما أغنت المناقشات والحوار في القسم الثاني من الجلسات هذه المعلومات ووضعتها في سياقها العملي”، وتمنّت الاستمرار في العمل على عقد مثل هذه الجلسات المهمة والمفيدة، لعلّها تساهم في تحقيق الأهداف المرجوة التي يسعى الميثاق إلى تحقيقها.
الجلسة الثالثة تضمنت الحديث عن دليل السلامة المهنية للصحفيين، وبيّن قرنفل أنه لا يوجد عمل غير محفوف بالمخاطر، لكن تختلف بطبيعة الحال أنواع المخاطر باختلاف أنواع الأعمال، وفي جميع الأحوال لا يوجد عمل صحفي ميداني وخاصة في مناطق النزاع إلا وكان الخطر حليفه، وهذا ما يجعل الإحاطة ببعض القواعد المتعلقة بالسلامة المهنية مهماً.
وتحدث خلال الجلسة عن ضرورة التحضير والتدريب على السلامة والأمان في البيئات الخطرة، قبل السفر إلى منطقة الصراع، وأن يمتلك الصحفي معرفة جيدة بالسياق الثقافي والسياسي والاجتماعي في المنطقة التي سيعمل فيها، وأن يقيّم المخاطر المحتملة قبل البدء في التغطية واتخاذ التدابير اللازمة للوقاية منها.
وأشار ميسّر المنتدى إلى ضرورة أن يكون الصحفي مجهّزاً بالمعدات الشخصية اللازمة مثل خوذة وسترة واقية ونظارات وقفازات وحذاء مناسب، وأن يمتلك وسيلة فعالة للتواصل مع فريق الدعم والطوارئ، ويجب عليه مشاركة معلومات عن موقعه وحالته بشكل منتظم، وذلك بالتوازي مع التخطيط الجيد لأنشطته وتحديد المسارات الآمنة والمناطق المحتملة للخطر، والالتزام بالأخلاقيات الصحفية، والتعرف على القوانين المحلية، والامتناع عن تناول المخدرات والكحول، وتجنب الاستفزاز.
انتقل بعد ذلك المشاركون لاستعراض تجاربهم السلبية والإيجابية في القضايا التي تم طرحها في جلسات المنتدى الثلاث، حيث تحدّث أكرم الأحمد عضو مجلس إدارة الميثاق والصحفي عمر حاج قدور عن تجربتهما، وما رافقها من تطور ومعرفة أكثر بالقوانين والأنظمة، من خلال ممارستهما الطويلة للعمل الصحفي، وأكد حاج قدور على أهمية ما حصل بعد عام 2011 من تطور في مستوى وعي ومهارات الصحفيين السوريين بشكل عام، إذ لا يخلو مهرجان من تكريم للصحفيين السوريين العاملين في المؤسسات الإعلامية.
في حين تحدث الصحفي مجد حمو عن بداية عمله في المجال الإعلامي قبل بلوغه سن الثامنة عشرة، وكيف تدرّج في خبرته من خلال ممارسته العمل الإعلامي لسنوات طويلة.
بعد اختتام أعمال المنتدى استعرض ابراهيم الشمالي – صحفي وصانع أفلام – ما ناقشه المشاركون خلال المنتدى قائلاً: ناقشنا البيئة القانونية للعمل الصحفي والذي يتضمن عقد العمل والشروط اللازمة لتحقيقه وأهم عناصر البيئة القانونية لتنفيذه، والقانون الدولي الإنساني وحماية الصحفيين في حالات النزاع المسلح، وعرض القوانين الدولية التي تعتبر مظلة لحماية الصحفيين والتدابير الشخصية التي يجب اتخاذها لحماية الصحفي، بالإضافة لدليل السلامة المهنية ونصائح عامة تتعلق بالسلامة المهنية في مناطق النزاع”.
وأكد الشمالي أن “المواضيع التي تم عرضها مهمة جداً لكل صحفي يعمل ويمارس المهنة وتمس كل جوانب العمل القانونية التي كان معظمنا مغفلاً لها في أوقات سابقة”.
من جهته قال الصحفي عبد الله حاتم أن المنتدى “سلط الضوء على جانب حقوقي مهم للصحفيين السوريين، في ظل الحالة الاستثنائية التي يمرون بها وغياب المؤسسات القانونية التي تحمي حقوقهم المهنية والمالية، وكان لافتاً الحديث لأول مرة بوضوح عن البنود التي يجب أن توفرها المؤسسات الإعلامية خلال تعاقدها مع الصحفي، لاسيما ما يضمن سلامته في مناطق النزاع، لذلك من المهم الاستمرار في تسليط الضوء على هذا الجانب وصولاً لإقامة حملات توعية منتظمة، يمكن أن تبني وثيقة توضح الحقوق المكفولة لمن يمارس العمل الصحفي، وهنا يجب الاشادة باللجنة التي قامت بالتحضير للمنتدى وإنجاحه ليشكل اضافة مهمة لمهنة الصحافة في سوريا.
لتقديم شكوى: اضغط هنا