اختتام ورشة تدريب “معايير مدونة السلوك المهني للميثاق والتغطية الإعلامية المتوازنة”

 

على مدى ثلاثة أيام، وبمشاركة 15 صحفية وصحفياً من الداخل السوري، أقامت هيئة ميثاق شرف للإعلاميين السوريين ورشة تدريب حول معايير مدونة السلوك المهني للميثاق والتغطية الإعلامية المتوازنة “احترام المساواة بين الجنسين”، بين 9 و11-11-2023، أونلاين عبر تطبيق “ZOOM”.

 

وافتتحت المدربة غصون أبو الذهب جلسات اليوم الأول بالحديث عن مدونات السلوك المهني، موضحة أن ميثاق شرف للإعلاميين السوريين، يستند في مدونة السلوك إلى المبادئ الأخلاقية الإعلامية العامة، المقرّة في المواثيق والإعلانات والعهود العالمية.

 

وناقش المشاركون على مدى أيام الورشة المبادئ، التي تتضمنها المدونة كالدقة والصِحة والمصداقية في المعلومة، والموضوعية والنزاهة والتزام استقلالية التغطية الإعلامية، واحترام الحقيقة وحرية التعبير، ومراعاة التوازن والإنصاف والتعددية.

 

وتضمنت جلسات اليوم الأول شرحاً مفصلاً حول الدقة والصحة والوضوح، وأكدت أبو الذهب أن تحري الحقيقة يقترن بالدقة وشروط توفرها يتطلب من الصحفي، الإجابة عن الأسئلة الأساسية الخمسة (من، ماذا، أين، متى، لماذا)، وعدم نقل الإشاعات والمعلومات غير المؤكدة التي لا مصدر موثوق لها، وتغليب القيمة الخبرية على الانفعال والانطباع، بالإضافة إلى استخدام وسائل عادلة ونزيهة للحصول على الأخبار، الصور، الوثائق والبيانات، وتفادي استخدام أدوات التسجيل الصوتي والتصوير الخفية.

 

كما تحدثت المدربة عن حقوق المصدر وعلى رأسها الإلمام بطبيعة عمل الصحفي، والغرض من المقابلة، والموافقة المستنيرة، والاحترام، واستيعاب النتائج المترتبة على المقابلة قبل وبعد النشر، والتراجع والرفض بعد المقابلة، وتوفير الحماية اللازمة للمصدر، وتحدث بعض المشاركين عن تجاربهم في موضوع حقوق المصدر وحمايته.

 

وانتقلت بعد ذلك للحديث عن التوازن الجندري في وسائل الإعلام مشيرة إلى أن هناك أصواتاً وآراء غير متساوية، تجعل مصادر الرجال أكثر من النساء، وتميل المصادر النسائية أكثر إلى عرض التجارب الشخصية، والآراء، وردود الفعل العاطفية أو كشهود، وليس كمتحدثين رسميين أو ممثلين لجهات أو خبراء، وغالبًا ما يتم إظهار رجال السياسة كمصادر جنبًا إلى جنب مع المعلمات أو ربات البيوت، وذلك وفق تقرير “IWMF”.

 

ناقش بعد ذلك المشاركون الإشكاليات الأخلاقية للصحافة في عالم الانترنت والسوشيال ميديا، وتحدث معظم الحاضرين عن وجهة نظره في الأمر الذي يعتبره إشكالية كبرى، وأوضحت أبو الذهب أن معظم هذه المشاكل ستحل في حال الالتزام بمبادئ مدونة السلوك المهني والأخلاقي، كاحترام الخصوصية واحترام الحقوق الفكرية وتجنب التنميط وعدم التشجيع على العنف أو التحريض على الجريمة أو انتهاك القانون.

 

واختتمت جلسات اليوم الأول بالحديث عن نقل صور من الصفحات الشخصية ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، وعقوباتها من الناحية القانونية والأخلاقية، وأكدت أبو الذهب أن المسؤولية الأخلاقية يعود تقديرها للصحفي، وفي حال رؤيته لذلك مصلحة عامة، مشيرة إلى أن نشر الصور على الإنترنت العام دون تخصيص لجماعات معينة لا يعتبر انتهاكاً للخصوصية، ولكن في حال إساءة النشر، يتعرض الصحفي للمساءلة القانونية والغرامات المالية.

 

اليوم الثاني من الورشة التدريبية تضمن ثلاث جلسات ناقش خلالها المشاركون عدداً من مبادئ مدونة السلوك المهني، ولاسيما مبدأ عدم التمييز في مدونة السلوك الذي يشمل المرأة والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة واللاجئين والمهاجرين والأعراق والأديان، وقالت أبو الذهب إن الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري تعرف التمييز بأنه أي فعل أو قول أو إجراء أو ممارسة تستهدف أو تستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة.

 

وانتقل المشاركون بعد ذلك لمناقشة التغطية المتوازنة والمنصفة للأقليات، وأوضحت المدربة أن علاج التمييز ضد المرأة يكمن في التمثيل العادل للنساء في المحتوى من خلال توسيع مساحة مشاركتهن، وإظهارهن بعيداً عن الأدوار النمطية، وكشف الانتهاكات التي تقع ضد النساء، بالإضافة إلى دعم انخراط أوسع للنساء في الحياة السياسية والاقتصادية، ودعم توجه النساء نحو تحقيق العدالة والمساواة في الحصول على حقوقهن، وإبراز تنوع وأهمية الأدوار التي تضطلع بها النساء في كل ميادين التنمية.

 

وشرحت أبو الذهب بعد ذلك عدة نقاط تتعلق بعدم التشجيع على العنف والتحريض على الجريمة وانتهاك القانون من خلال تغطية أخبار الجرائم والعنف، ولاسيما أخبار تتعلق بالانتحار أو السرقة والسطو، كما ناقشت مع المشاركين أهمية الابتعاد عن التنميط في المحتوى الإعلامي وأهمية التوازن بين الجنسين في التغطية الإعلامية.

 

المشاركون ناقشوا خلال اليوم الثالث التحديات الأساسية للجندر والإشارات غير المتكافئة، والابتعاد عن الافتراء والتجني، بالإضافة إلى شرح مفصل لشروط مقابلات الأطفال، إضافة إلى شرح ما يتعلق بضرورة تجنب الإيذاء والتسبب بالضرر.

 

انتقلت المدربة بعد ذلك لإجراء تطبيقات عملية، وذلك من خلال أخذ آراء المشاركين بصور تم عرضها على وسائل الإعلام، بينها تحديد الانتهاكات التي ظهرت في صورة الطفل الأفريقي والنسر التي التقطها كيفن كارتر عام 1993 خلال مجاعة ضربت جنوب السودان ونال عليها جائزة عالمية، وأدلى المشاركون برأيهم من خلال خبرتهم السابقة وما اكتسبوه خلال الورشة التدريبية من معلومات حول انتهاكات مدونة السلوك المهني.

 

قسمت المدربة بعد ذلك المشاركين إلى مجموعات ناقشوا من خلالها انتهاكات واردة في صورة عرضتها عليهم، إضافة إلى تدريب آخر اختار خلاله المشاركون ضمن مجموعاتهم مواقع سورية حددوا من خلالها عدد المصادر والشخصيات المحورية في الأخبار من النساء والرجال، بالإضافة إلى أعداد الصور والعناوين والمقالات المكتوبة من رجال ونساء، وقدموا بعد رصدهم توصيات لهذه المؤسسات، تتعلق بالتوازن الجندري.

 

وعن آراء بعض المشاركين في الورشة التدريبية

 

عز الدين زكور ـ صحافي سوري قال: “في الحقيقة، كانت الورشة فرصة لاكتساب معلومات وفيرة تشكّل قاعدة صلبة لأخلاقيات العمل لأي صحافي، وخاصةً في ظل فضاء واسع من النشر مع توغل مواقع التواصل الاجتماعي في الحياة العامة، وكثافة النشر، الذي يزيد احتمالية وقوع انتهاكات وأخطاء مهنية، بالإضافة إلى التعرّف على مسألة هامة وهي “التوازن الجندري” وحضور الجنسين في المواد الصحفية، وتحقيق حالة متكافئة أو معقولة بين الجنسين، وهي مسألة تفوّتها الكثير من الوسائل الإعلامية، سواء عمداً أو جهلاً، وهو ما يعزز أهمية هذا النوع من الورشات التدريبة، التي قد يجهل ـ مع الأسف ـ بعض الزملاء أهميتها وضرورتها.

 

وأضاف بالنسبة لأهمية التدريب للإعلاميين في الداخل السوري، “أرى أن صحفيي الداخل، هم معنيّون بهذه المعلومات، لأنهم كما تعلمون، في بيئة صراع حادّ، تحتّم عليهم فهم التعامل مع المشاهد المختلفة، التي قد يكون البعض منها مؤذٍ للغاية، وبعضها محرّم نشره أخلاقياً ومهنياً، وبعضها مباح نشره.. وأنا من موقعي كصحافي من هذه البيئة، تعرضت لعديد من المواقف، خلال تغطياتي جعلتني في حيرة في التعامل مع بعض المواد، وكنت محتاجاً لهذه المعلومات، التي ستصبح دليلاً لي مستقبلاً في تغطيات أخرى قادمة”، معبراً عن رضاه عن طبيعة التدريب، ومحاوره ومعلوماته، “على اعتبارها كانت محيطة بتفاصيل عنوان التدريب، وخاصةً مسائل (الطفولة في الصحافة، وحقوق النشر، والتعامل مع الصور ونشرها)”، مضيفاً أن “المدرّبة قدّمت أمثلة وافية، وكافية، بعرض ملائم وغني”.

 

واقترح زكور “أن تكون ساعات التدريب أقل، بأيام تدريب أكثر، على اعتبار أن الكثير من الصحفيين لديهم التزامات دراسية وعمل، ما يسبب لهم ارتباكاً في مسألة الحضور الطويل، وإيراد مزيد من الأمثلة والشواهد الحيّة من تغطيات وسائل إعلام، لمضمون التدريب، حتى يسهل وصول المعلومة”.

 

الناشط الإعلامي شفيق الخولي قال: “بالنسبة لورشة التدريب أضافت لي العديد من المعلومات المفيدة والأفكار التي كنا بأمس الحاجة لها، وهي برأيي معلومات هامة جداً وخاصة بالنسبة للإعلاميين المقيمين في الداخل السوري، حيث تعلمنا طريقة التغطية المهنية والأخلاقية في التعامل مع الأطفال والتوازن الجندري، والابتعاد عن التحيز، وغيرها من مواضيع جد مهمة، وأشعر بالرضا عن المعلومات وأراها مهمة جداً وأتمنى استمرار هكذا ورشات مستقبلاً.

 

سلوى عبد الرحمن – صحفية في إدلب قالت: “أضافت الورشة لي معلومات جديدة حول آلية الشكوى ضد أي انتهاك مهني أو أخلاقي من صحفيين أو وسائل إعلام لميثاق شرف، وترسيخ بعض المفاهيم والقواعد الأخلاقية الأساسية في التغطيات الإعلامية”، مضيفة: “تأتي أهمية هذه القواعد الأخلاقية بأنها تحفظ حقوق المصادر وأهمية تضمين النساء ضمن المواد الإعلامية لتحقيق العدالة الجندرية والتوازن فيها، إضافة لضرورة حفظ خصوصية المصادر”، وأكدت أن “المحاور كانت شاملة لأخلاقيات الصحافة، وطريقة عرضها وتدعيمها بأمثلة كانت رائعة، إضافة إلى الوقت الكافي للنقاش”.

 

عمار البيوش – مدير قسم الأخبار في راديو فرش قال: “كانت الورشة التدريبية مفيدة وقدمت معلومات جديدة أبرزها بالنسبة لي قضية التوازن الجندري وكيفية تحقيقه عند إعداد الأخبار ووجوب تحقيق هذا الأمر في كل المواقع الإخبارية، وأيضا قضية التعامل مع أخبار العنف سواء كان عنف ضد الأطفال او الرجال أو النساء ولزوم استيفاء شروط متعددة قبل نشر أي خبر يتعلق بهذا الملف”.

 

وأن المعلومات التي تلقاها خلال التدريب كانت معظمها جديدة بالنسبة له، مردفاً: “سأحاول تطبيقها مستقبلاً، وهذه المعلومات من الضروري أن يكون كل صحفي ملمّاً بها أو يمتلك خبرة فيها لأنها طريق نحو الاحتراف والتعامل مع أي خبر أو مادة إعلامية بالطريقة المناسبة”.

 

وأضاف، “كانت الورشة مفيدة بالتأكيد وتم إعطاء وقت كافٍ للنقاش وطرح تساؤلات ونقاشات متبادلة بين جميع الحاضرين ما أكسب الجميع خبرات ومعلومات جديدة، ويمكن تحسين هذه الورشات بتقديم معلومات أوسع عن نفس الملفات التي طرحت أو نقاشات عملية وتطبيقها من الحضور ويمكن إضافة ورشات أخرى لتدريبات جديدة يمكن أن تكون معلوماتها مغيبة عن بعض الإعلاميين والصحفيين في الداخل السوري”.

 

 

لتقديم شكوى: اضغط هنا